عالج إعلاميون من السعودية ولبنان والمغرب التناقض بين الثقافة والمجتمع والإعلام، وغياب التكامل بينهما، في الندوة التي أقيمت الخميس المنصرم ضمن البرنامج الثقافي في معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب.

ورثى اللبناني حسن داود واقع إعلام بلاده وسط تفرق دم الصحافة اللبنانية بين الطوائف والمذاهب في ما يشبه الدويلات. وتذكر داود كيف كانت صحيفة النهار العريقة يومها، في نهاية السبعينات الميلادية قبل الحرب الأهلية اللبنانية، توزع نحو 70 ألف نسخة، بوصفها يومئذ لكل اللبنانيين، بينما رأى أن الواقع الراهن أصبح مغايراً تماماً، فلا الصحافة تؤدي دورها المستقل، ولا المواطن اللبناني والعربي يشعر أنها تمثله، إلا إذا كانت تنتمي لطائفته أو حزبه.

واستحضر رئيس تحرير صحيفة الحياة في طبعتها السعودية جميل الذيابي معضلة الواقع السياسي الذي تمارس فيه الصحافة العربية بوجه عام عملها، "وسط مناخ يكبح جماح الحريات حتى بالذرائع الواهية أحياناً، مثل الخصوصية التي آمن الكاتب بتعزيز الإيجابي منها وركل السلبي بلا رحمة، فالركل ليس عيباً دائماً"، على حد وصفه.

وأكد الذيابي أن الحريات "ازدادت ضيقاً بعد أن تسيدت بعض الحركات الراديكالية والاستبدادية، ما قلل من دور صحافة المجتمع الحرة المستقلة، ورجح أحيانا كفة صحافة الحزب والجماعة في بعض المجتمعات".

ورغم أن الإعلامي العربي تفهم بعض المضايقات، إلا أن الذيابي دعا زملاء المهنة "إلى مواصلة النضال وعدم الاستسلام، ومعالجة الموضوعات بذكاء، إذ ينبغي أن يموت الصحافي "حراً مستقلاً".

وتناول تدني مستوى حرية التعبير في الدول العربية في التقارير الدولية، التي جاءت في ذيل قائمتها، ولم يتفاءل بالمستقبل كثيراً خصوصاً في ظل الربيع العربي كما يُتوقع، وإنما تفاءل بظاهرة "الصحافي المواطن" الذي أصبح يستدرك النقص الذي تقع فيه الصحافة التقليدية، ويعتبر هذا التحول الجديد في التعاطي مع الأحداث عاملاً مؤثراً ينبغي أن يعيه الصحافيون ومؤسساتهم وحكوماتهم.