هل الأندية الرياضية حكومية.. أم قطاع خاص؟.. إجابة هذا السؤال كما قال عضو مجلس الشورى رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب السابق وعضوها الحالي الدكتور طلال بن حسن بكري هي نقطة خلاف بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة المالية.. فإذا كانت حكومية فإن المالية تطالب بأن تكون إيراداتها في حال خصخصتها من ضمن مداخيل الدولة ومن ثم الدولة تصرف عليها وإذا كانت خاصة فيجب أن تمول نفسها بنفسها حالها حال القطاعات الخاصة وألا تنتظر الإعانات المالية الحكومية.

وبين الدكتور بكري أن ضآلة المخصصات المالية المعتمدة للاتحادات الرياضية وتخفيضها 50% منذ عام 1419 أدى إلى تراكم الديون على أندية المملكة ومن ثم تراجع الرياضة السعودية في كافة الألعاب، وأكد البكري على أهمية تكاتف الجميع لدعم الشباب وأنشطتهم المختلفة وفي كافة المجالات.

بالإضافة إلى العديد من الأمور كشف عنها عضو لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في مجلس الشورى في حواره التالي مع الـ"الوطن":

الأندية تمر بظروف مالية صعبة ما سبب ذلك؟

لا بد من النظر بشمولية للموضوع فالإعانات المخصصة للأندية الرياضية خفضت بنسبة 50 % منذ عام 1419 وهو ما أنعكس سلبا على أداء الأندية، وأعتقد أن ميزانيات الأندية في الوقت الحالي لم تعد تفي بالغرض ولا بد من النظر في زيادتها، خصوصا أن هناك فرقا كبيرا بين الصرف عام 1419 وبين الوقت الحالي ففي ذلك الوقت كانت ميزانيات الأندية الكبيرة لا تتجاوز الـ 20 أو الـ 30 مليون واليوم نشاهد هذه المبالغ لا تفي بمتطلبات الأندية الصغيرة في دوري زين فما بالك بالأندية الكبيرة.

ولكن الأندية توقع عقوداً بالملايين رغم هذه الضائقة المالية؟

الأندية أرهقت نفسها بعقود احترافية في لاعبين لا يساوون 10% من هذه العقود، ولو قدر لأي لاعب سعودي أن يحترف خارجيا لما دفع فيه نصف هذه المبالغ، بل أعتقد أن هناك لاعبين تدفع فيهم الأندية الملايين ولا يمكن أن يحترفوا ولو في دول الخليج القريبة منا.. أضف إلى ذلك أنه يجب أن لا نضع الأندية في سلة واحدة فهناك 5 أو 6 أندية تستطيع تصريف أمورها من خلال الشركاء والرعاة ولكن باقي أندية الدوري السعودي أرادت أن تقلد الكبار فأصبحت لا هي حماما ولا غرابا بل ورطت نفسها في عقود بملايين الريالات، وفي صفقات توصف في معظمها بالفاشلة وتناست بعض الإدارات في الأندية صقل مواهب الشباب الواعد مما كان سببا في تراجع الكرة السعودية.

ومشكلة أنديتنا البذخ والهدر المالي غير المبرر وهو ما جعل العديد من الأندية تعاني من أزمات مالية وما يأتيها من إعانات مالية من رعاية الشباب لم تعد تفي بسداد الديون السابقة وهو ما جعل الوضع في الأندية غير مستقر والمرتبات تتأخر في الكثير من الأندية، وهذا أثر سلبا على الأندية على وجه الخصوص والكرة السعودية بشكل عام.

بما أنك ذكرت تأخر الرواتب ما رأيك في بعض الأندية التي لم تسلم العاملين واللاعبين المحترفين رواتبهم لفترة تجاوزت الـ 6 أشهر؟

الراتب حق من حقوق اللاعب، ولكن وجهة نظري أن مقدمات العقود المليونية قد تحل هذه الإشكالية مؤقتا وهذا لا يعفى الأندية من تسليم الرواتب في موعدها وتعلم الأندية أن اللاعبين والعاملين في الأندية لديهم أسر وعوائل ويجب عليهم أن يوفروا لهم الاستقرار والأمان الوظيفي. حتى يشعرأنه في بيئة وظيفية آمنة.. وفي المقابل يجب أن يلتزم اللاعب خاصة بكل ما هو مطلوب منه تجاه نادية، فالحقوق والواجبات بين الطرفين يجب أن تكون واضحة للجميع.

برأيك ما هي الأسباب الحقيقية لهذا التراجع المخيف لكرة القدم السعودية؟

عندنا عدة مشاكل في الأندية أدت إلى هذا التراجع ياتي أبرزها:

أولا: تتمثل في البحث عن اللاعب الجاهز وعدم الاهتمام بصناعة النجوم كما كان سابقا ولذلك أصبح النادي يبحث عن اللاعب الجاهز وهو ما جعل السوق رائجا للمنكسر والمتردي ومريض القلب وأنا من وجهة نظري هذا سبب رئيس في تراجع الكرة السعودية. فأندية المقدمة تتقاتل من أجل الظفر ببطولة وقتية وأندية المؤخرة تتعاقد مع محترفين جاهزين من أجل الهروب من شبح الهبوط ورغم تفاوت الطموح إلا أن البحث عن اللاعب الجاهز هو ما جعل المواهب تقل على مستوى الكرة السعودية وأدى إلى انخفاض وتراجع مفزع على صعيد كافة الفئات في كرة القدم السعودية.

ثانيا: الانتماء للنادي وليس للمنتخب الوطني، حيث تجد اللاعب يحرث الأرض حين يلعب لنادية وتجد بعضهم مستسلما أو موزعا للكرة حين يمثل المنتخب.. حتى وإن كانت الغلبة لمنتخب الوطن في بعض المباريات فإن الإنجاز يجير للاعب ذاك النادي.

ثالثا: غياب الروح القتالية لدى بعض اللاعبين عندما يلعب باسم الوطن فلا نجد أن الهزيمة تؤثر على بعضهم ولا تجده يأبه كثيرا بما حصل بعضهم يسقي الملعب عرقا وهذا يكتفي بأقل جهد ممكن، وذاك يذرف الدمع في حالة الخسارة وهذا يوزع الابتسامات هنا وهناك.

كيف تستطيع الأندية أن تحل هذه الإشكالية؟

أرى أن الحل خصوصا أنه لا يوجد خصخصة إلى الآن هو اعتماد ميثاق شرف بين الأندية بحيث يكون بموجبة حد أعلى وحد أدنى للتعاقد مع اللاعبين أما أن يتم التعاقد مع كل من هب ودب وبمبالغ مبالغ فيها فهذا أمر يغرق الأندية في ديون لا تستطيع أن تخرج منها بسهولة. علما بأن اللاعب السعودي لو تعرضه خارجيا لا يمكن أن يأتي بنصف قيمة ما يحصل عليه داخليا، كما أنني أدرك تماما أن ميثاق الشرف قد يتم اختراقه من تحت الطاولة، فالمهم في رأي بعض الأندية هو الحصول على البطولات وليس الارتقاء بالرياضة عامة وكرة القدم خاصة ورغم ذلك يظل ميثاق الشرف مطلبا مهما من أجل حل مشكلة الديون.

ما هي مشكلة اللاعب السعودي؟

اللاعب السعودي يقدم مستويات جيدة في البداية وعندما يحصل على الملايين دفعة واحدة وكأنة في حلم ينخفض مستواه ويبدأ مشوار الانتقال بين أندية الوسط والمؤخرة ويبحث عن جمع المال فقط وأنا أستغرب من الأندية التي تتعاقد مع لاعبين منتهيي الصلاحية ولا تعطي الفرصة للشباب. وبهذا لن تتقدم الكرة السعودية. لأن اللاعب الشاب لا يجد فرصته في حين اللاعب المنتهي الصلاحية يتنقل بين الأندية ويكون أساسيا من أجل كسب المال، ولأن هدف النادي هو الحصول على النتيجة الوقتية وليس تنمية المهارات.

ذكرت أن إعانات الأندية خفضت، ألم تستطع رعاية الشباب أن تطالب بإعادتها؟

مثل هذا السؤال يوجه للرئاسة، لكنني أعلم ومن خلال تقاريرها السنوية أنها تطالب بإعادة هذه المبالغ حرصا منها على استقرار الأندية ويأتي الاستقرار حسب رأي رعاية الشباب من وزارة المالية.

ولماذا ترفض وزارة المالية؟

هذا السؤال أيضا يمكن توجيهه لوزارة المالية، لكن الإشكالية قد تكون في طبيعة الأندية الرياضية نفسها هل هي حكومية أم خاصة، وأعلم أن وزارة المالية ترى في حالة خصخصة الأندية أن يعود ريعها لصندوق الدولة إن كانت حكومية مقابل الصرف عليها أو أن تقوم الأندية بإدارة شؤونها دون دعم حكومي.

وماذا عن دوركم أنتم كمجلس شورى في ذلك؟

نحن طالبنا في مجلس الشورى بالخصخصة منذ وقت طويل لأن هذا هو المخرج الحقيقي لأزمة الكرة السعودية ويجب أن تتسابق الخطوات بشكل أسرع من أجل خصخصة الأندية الرياضية فلعلها تستطيع النهوض بنفسها وتحسن من قدراتها المالية.

الاتحادات المختلفة حققت نتائج متواضعة ومخجلة في دورتي الألعاب الخليجية والعربية؟

هناك خلل في كل الألعاب والاتحادات السعودية وحتى كرة القدم التي كنا نعول عليها أصبحت في عداد المأسوف عليها من الرياضات الأخرى.

مجلس الشورى ألا تناقشون الرئاسة العامة لرعاية الشباب عن هذه النتائج؟

للأسف نتائج المنافسات الخارجية دون المستوى المأمول رغم الهدر المالي وقد ناقشنا مندوبي الرئاسة العامة لرعاية الشباب في العديد من الأمور فأكدوا أن الميزانية التي تحصل عليها الاتحادات الرياضية غير كافية ولا يمكن أن تأتي بأفضل من هذه النتائج.

وسوف نناقش آخر تقارير الرئاسة العامة لرعاية الشباب تحت قبة المجلس قريبا وستكون النتائج المتحققة في السنوات القريبة الماضية محط أنظار أعضاء المجلس جميعا.

في الختام.. ماذا تحتاج الأندية السعودية؟

الأندية تحتاج إلى مراجعة نفسها في طريقة الصرف وباختصار في دوري زين 5 أندية تستطيع القيام بنفسها بسبب توقيعها عقود رعاية مليونية و9 أندية تكافح من أجل البقاء، وهذا خلق فجوة كبيرة بين أندية القمة وأندية الوسط والقاع، وهو ما جعل الدوري السعودي ينخفض مستواه وبالتالي انعكس مستواه على كرة القدم السعودية.

كنا نعول كثيرا على كرة القدم بعد أن فقدنا الأمل في تطوير ما سواها من الألعاب الرياضية الأخرى وإذا بنا اليوم نعزي أنفسنا في تراجعها المخيف والبون شاسع بين كرة القدم السعودية في الثمانينات والتسعينان وكرة القدم اليوم حيث غابت الروح وتراجع المستوى وأصبحنا نقاتل من أجل البقاء بعد أن كنا في قمة الهرم الآسيوي ، الحاجة ماسة اليوم إلى مراجعة كل ما يخص الرياضة السعودية من قمة هرمها إلى أخمص قدميها، وأسباب كثيرة تقف وراء تراجع رياضة الوطن منها ما هو ما لي ومنها ما هو إداري ومنها ما هو فني، والأمل معقود بعد الله في أمير الشباب والرياضة الأمير نواف بن فيصل بأن يجدد الأمل للرياضة السعودية عامة ولكرة القدم بصفة خاصة والعودة بها إلى منصات التتويج.