أشعر بالحزن لأن (مصباحاً) مثل فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله المطلق، يرقد على سرير قاتم، وهو يشعر بوعكة صحية، آمل من الله أن تكون طارئة، ونسأله عز وجل له منها الشفاء والأجر. وصلت طاولة الحوار الوطني ذات صباح من عام 2004، متأخراً لبضع دقائق، وبأبجدية الأسماء على الطاولة كنت بالصدفة (اللغوية) إلى يمين فضيلة الشيخ عبدالله المطلق. ويومها كانت الأجواء الثقافية محتدمة ومكهربة بزلزال الإرهاب، وكنت أحمل معي أينما ذهبت وزر رؤيتي وتهمة مجتمعي من حولي حين كانت الصورة ضبابية حول هذه الظاهرة الضالة المنحرفة. كان من القدر أن أجلس بجوار فضيلة الشيخ، ومن سيكسر حاجز الجليد الشفاف لحوار سيمتد إلى أيام ثلاثة؟ هو نفسه – عبدالله المطلق – بكل ما فيه من سمو نفس وتواضع وحسن اتصال ومباشرة. هو نفسه الإنسان الذي كان بيده يبادر من اللحظة في فتح – قارورة الماء – ويعطيني إياها لإطفاء عطش صالة ملتهبة، والقصة لم تكن مجرد قارورة ماء: إنه يفتح صدره للاستقبال ولسانه الرطب بالسؤال وروح النكتة الجميلة وهو يمازحنا منذ الدقيقة الأولى بالقول: أنا شيخ بين اثنين من الليبراليين. ولثلاثة أيام، كان فضيلة الشيخ عبدالله المطلق يبعث رسالة العالم الرباني في اتجاهين: في آرائه التي يقولها عبر – لاقط – المداخلات بكل ما فيها من قيم المسلم العطوفة المتسامحة وفي حديثنا الجانبي الطويل كجارين بكل ما فيه من الأدب ورفعة الخلق وثقافة الوصال وحسن الظن بالناس وفطرة هذا الدين الطبيعية في قلوب الصحاح من أهل العلم.
لا أنسى تأثره الشديد عندما بكت سيدة سعودية من قسوة طالب علم آخر بذات القاعة، وكيف كان فضيلة الشيخ المطلق صاحب حزم في رد كرامتها، وصاحب لين أيضاً في رأب الصدع الذي أحدثته – حادثة البكاء – الشهيرة لامرأة في قلب الحوار الوطني. نسأل الله العفو والعافية وأن يحفظ – نجمه – في سماء كوكبة العلماء وأن يسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة. أدعوا له فهو في حاجة للدعاء.