قال عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود بالرياض، الدكتور سلطان سعد القحطاني، إن هناك مجموعة من النقاد الذين ظهروا مع الصحافة المبكرة ينحازون في نقدهم إلى القديم، ويؤمنون بما ورد في نصوصه الشعرية والنثرية، ويسلمون بصحتها وفضلها المتقدم على غيرها، ويعتبرون كل تجديد بدعة، وكل بدعة ضلالة. وإن الخطاب النقدي في المملكة قد أخذ شهرة واسعة في العالم العربي، معللا بروز أسماء محلية من النقاد في المحافل والمؤتمرات العلمية بغياب المنافس "إذا استثنينا بلاد المغرب العربي". وأضاف أن اتجاهات النقاد في المملكة مختلفة ومتعددة، بين ناقد النص، ومفلسف النص، وراصد النص بعقل نقدي، وأن مناهج الدراسة النقدية كذلك، والمحصلة وجود خطاب مستقل في ذاته، مكمل لغيره. وأشار القحطاني، خلال بحثه "الخطاب النقدي الحديث في السعودية" الذي قدمه مساء أول من أمس في اختتام جلسات ملتقى "جواثى3" الثقافي في فندق الأحساء إنتركونتيننتال وأدارها الدكتور عبدالله الحيدري، إلى أن النقد الأدبي ظهر بظهور الصحافة الأدبية في مرحلة الثلاثينيات الميلادية، وبالتحديد في صحيفة أم القرى التي ظهرت على أنقاض صحيفة القبلة الهاشمية، مؤكدا أنها شهدت تميز عدد من النقاد، على رأسهم محمد حسن عواد في زاويته المعروفة "تأملات في الأدب والحياة". وأضاف أن النقد في المملكة، كان وما زال جزءا من النقد الأدبي العربي- بصفة عامة - يراوح داخل مثلث غير متساوي الأضلاع، يحتل كل ضلع منه فئة من النقاد يتخذون خطاً واضحاً وصريحاً في نقدهم على حد وصفه.
وذهب القحطاني إلى أن تلك الصحف والمجلات الأدبية ركّزت جل اهتمامها أو كله على الأدب والنقد، مبيناً أن هناك دراسة بحثية أشارت إلى أن الصحافة في مجملها أدبية قبل أن تكون خبرية، مضيفا أن النقد المنهجي ظهر من خلال الدراسات النقدية المنهجية، وهي دراسات قامت على منهج مدرسي مقنن.
وقدم الدكتور محمد البقاعي، خلال الجلسة بحثاً بعنوان "استلهام التراث في ديوان من الدم إلى الحبر.. رحلة البدء والمنتهى لعبد العزيز بن محيي الدين خوجة"، تطرق فيه إلى تألق الشيخ أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري، في تناوله شعر عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، فطاف بالقارئ في دوحة نصوص الشاعر، وفي جنبات النقد الذي تناله جامعاً بين الفكر النير والتذوق الشعري الجمالي الرقيق، مؤكداً أن الشعر تجربة شعورية توحي بمكابدة الذات الشاعرة.. إنه المنتج الحسي لعملية الانتقال من الدم إلى الحبر التي عبر عنها الشاعر.
إلى ذلك استطاع الفنان التشكيلي أحمد المغلوث، أن يضيف بعداً آخر للملتقى من خلال عرضه لمجموعة من الجداريات التشكيلية المختلفة التي جسدت بيئة وتاريخ الوطن، والذي نظمه نادي الأحساء الأدبي، خلال اليومين الماضيين، وافتتحه محافظ الأحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي آل سعود، الثلاثاء الماضي، إذ كانت الأحساء في هذين اليومين تتنفس ثقافة وفكرا وإبداعا من خلال فعاليات ونشاطات الملتقى، وهو المعرض الشخصي الخامس عشر للتشكيلي المغلوث.
وبدورهم، أكد أدباء ومفكرون مشاركون في الملتقى أن التشكيلي المغلوث، استطاع من خلال هذه الجداريات الاهتمام ببيئة وتراث الأحساء، إذ أمضى الأديب سعد البواردي وقتا طويلا وهو يتجول ويسأل ويناقش الفنان عن كل جزئية في لوحاته. وأشادت رئيسة جمعية الكتاب العمانيين سعدية خاطر بروح الأصالة وعبق التاريخ اللذين يتسم بهما إبداع الفنان المغلوث. وأكد الدكتور حمد السويل "المتخصص في علم الجمال" أن أعمال الفنان المغلوث تعتبر ثروة وطنية وعالمية لما تمتاز به من دقة وجمال.