انتقد رئيس نادي أبها الأدبي الأسبق محمد بن عبدالله الحميِّد إطلاق مسمى "الإدارة العامة للأندية الأدبية"، وطالب باستبداله بمسمى "الأمانة العامة للأندية الأدبية"، موضحاً أن الفرق واضح بين المسميين، فالأول يعني التسلط والفوقية والثاني الوساطة والتنسيق والتفاهم، فالإبداع الأدبي يحتاج آفاقاً رحبة ومساحة واسعة من الحرية المنضبطة.
وبين الحميد، خلال الجلسة الثانية لملتقى "جواثى" الثقافي في نادي الأحساء الأدبي أول من أمس بعنوان "شهادة أدبية"، وأدارها أحمد الخليفة، أنه من الأدباء المؤسسين لنادي أبها الأدبي وإدارته من سنة 1400 حتى 1428، وظل رئيساً لنظرة الرئاسة العامة لرعاية الشباب عدم تغيير مجالس الإدارة ما دامت تؤدي واجباتها على الوجه المطلوب، واصفا تلك المرحلة بالعصر الذهبي للأندية الأدبية.
إلى ذلك قال حسن النعمي إن بين الدين والخطاب الديني درجات من التباين، فالدين نصوص مطلقة، أما الخطاب فهو الفهم المتغير للنصوص وفقاً لإحداثات الزمن واختلاف الأمكنة. وأشار النعمي، خلال ورقة عمل بعنوان "الخطاب الديني في الرواية السعودية" في الجلسة الرابعة التي أدارها الدكتور مسعد العطوي، إلى أن الدين واحد، وأفهامه متعددة، ينشأ الخطاب الديني الذي تصنعه الأفهام والقناعات والاحتياجات، فما يحكم الأفراد ليس سوى الخطاب الذي تصنعه أفهام النخبة وتسوغه للعامة بدواعي الالتزام والمحافظة على الجوهر، لافتاً إلى أنه من هنا تتباين المجتمعات في فهمها لتعاليم الدين، وتظهر الاختلافات في أمور تبدأ بالشأن اليومي لتصل إلى قضايا جوهرية، من أنظمة اللبس إلى قضايا الحكم والسياسة.
كما قدم خلال هذه الجلسة محمد نجيب العمامى، ورقة بعنوان "التنازع بين الفنّ والفكرة في روايتي إبراهيم منصور التركي - تضاريس الوجع ووجوه بلا أجنحة"، تطرق فيها إلى أن ما من سرد تخييلي إلا وفيه عبرة أو فكرة رئيسة أو أطروحة قد ترد صريحة أو ضمنيّة، ولم تشذّ روايتا إبراهيم منصور التركي "تضاريس الوجع" و"وجوه بلا أجنحة" عن هذا القانون التكويني العامّ، إلاّ أنّ ما لفت انتباهنا فيهما هو العلاقة القائمة بين الفنّ والفكرة، وهي علاقة لا تقوم على الانسجام والتكامل بقدر ما تقوم على الاختلاف والتنازع. وأضاف أنه لمعرفة ملامح هذه العلاقة وللوقوف على أسسها الجماليّة والفكريّة ننظر في البناء الفنّي للروايتين وفي أطروحتيهما وفي التنازع بين ما أسميناه الفنّ والفكرة.
وفي الجلسة ذاتها، طرح الباحث الدكتور عبدالله أحمد حامد بحثاً بعنوان "الهروب إلى الطين .. قراءة في نموذج معاصر"، محللاً من خلاله ظاهرة دلالية، تبدو لافتة في إنتاج الشاعر أحمد عسيري، حيث تشير القراءة المتعمقة إلى أن هم الرحيل يمثل هاجسًا يقبع في ذاكرة ووجدان أحمد عسيري، إذ لا يكاد يفارقه، حيث يبدو قلق الرحيل والانضواء والتلاشي بعدًا حاضرًا في نتاجه.
وفي الجلسة الخامسة التي أدارها الدكتور محمد رضا الشخص، قدم الأكاديمي الأردني زهير المنصور ورقة بعنوان "ظواهر من الانزياح الأسلوبي في شعر صالح الزهراني" قال فيها إن الشعر السعودي شهد في السنوات الأخيرة تطورًا ملموسًا في الشكل والمضمون، ساعد على ذلك جملة من العوامل تتمثل في الصحافة والمجلات الأدبية المتخصصة ونشوء الجامعات والروابط والأندية الأدبية ومؤتمرات الأدب التي ساهمت في دفع الحركة الأدبية في السعودية إلى مصاف الدول العربية الأخرى، لذلك نلحظ أن الأدباء في السعودية بدؤوا يحاولون مسايرة ركب الشعر العربي وتطوراته المختلفة، سواءً على مستوى البناء الفني للقصيدة أو البناء اللفظي.
وقدمت الدكتورة سعيدة خاطر "من سلطنة عمان" خلال الجلسة بحثاً بعنوان "صورة المرأة في أدب عبدالله الطائي"، استعرضت من خلاله سمات صورة المرأة لدى الطائي، وهي: التناغم والانسجام والتوحد، والإيجابية والمثالية، وشرعية الحب للمرأة، والمرأة بطلة للنص وإن تضاءل دورها في الحدث الدرامي، والتعليم والإبداع.
وفي الجلسة السادسة التي أدارها الدكتور أحمد الطامي قال الباحث الدكتور عبد الرزاق حسين في بحثه المعنون بـ"الرواية الإنجاز: زوار السفارات للروائي محمد بن صالح الشمراني": إن ما كان يُطلق عليه روايات سعودية شابة يتوالى في الصدور، ويتوالى في المسابقة العبثية لإحراز شهرة فارغة من خلال العرض لمذكرات جنسية وأحاديث المراهقين والمراهقات عن بطولاتهم في هذا الميدان. وأبان أن رواية "زوار السفارات"، هي تصحيح للمسار الروائي في الأدب في السعودية، وقال "إنها حقاً رواية فاتحة لعهد روائي مشرق". وأكد أن الرواية اجتازت كثيراً من قضايا السرد الوصفي، كالمقدمات، والتمهيد، وبقيت مع ذلك رواية شهية، تثير رغبة القارئ بحوادثها، وقدرتها على الجذب من خلال الربط القوي بين الأحداث المتدفقة، المفاجآت المثيرة، وفنية الحوار، إلى جانب الواقعية المقنعة، في الفكرة، والوصف، والشخصيات.
إلى ذلك كرم محافظ الأحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي آل سعود بعد ظهر أول من أمس في حفل افتتاح الملتقى وبحضور وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور ناصر الحجيلان، ومدير إدارة الأندية الأدبية بالمملكة عبد الله الكناني، نحو 16 شخصية خليجية كانت لهم إسهامات ثقافية بارزة في منطقة الخليج.