قرأت كتاب شريفة زهور عن أسمهان، وحزنت أشد الحزن على قصم حياتها المبكر على نحو مفاجيء، فخسر الفن لحنا خالدا..

وتشبه قصة أسمهان ونهايتها المطوقة بظلال من الجاسوسية قصة مشابهة لراقصة هولندية هي (ماتا هاري Mata Hari) وكذلك نهاية الممرضة البريطانية (ايدث كارل Edith Carl) وكلا المرأتين انتهت حياتهما ضربا بالرصاص!

أما أسمهان فقصتها عجيبة ولم يكن اسمها أسمهان بل أمل ولقبها الفنان حسني داوود بأسمهان وهو اسم أميرة فارسية فزادت غموضا، والغموض يجر الاستفسار والفضول.

وتختصر أسمهان بجملة قالها عراف دخل بيتهم يوما فقال لأسمهان ستموتين في الماء، وأما أخوها فؤاد فلن يتزوج قط بجارته اليهودية، وأما فريد الأطرش فسيموت بداء غريب وهو ماحدث للثلاثة.

ولدت اسمهان على الماء وهربت على الماء وماتت غرقا في الماء، هكذا تختصر حياتها وقيل إنها اشتغلت بالجاسوسية مع الألمان ضد الإنجليز فكانت النهاية تشبه نهاية الأميرة ديانا موتا طبيعيا ليس فيه أي ذرة من شبهة الاغتيال؛ فالاسكوتلاند يارد تحبك بدقة.. أما ماتا هاري (مواليد 1876م) فاسمها ايضا ليس كذلك بل هي هولندية الأصل، واسمها الحقيقي مارجاريتا زيله (Margaretha Zelle) تزوجت من رجل هولندي وأنجبت منه ابنة لم تعش وتابعت رحلتها معه إلى جاوة في إندنوسيا وهناك افترقا، لكنها تعلمت الرقص الشرقي، ولأنها كانت تحفة جمالية في الصورة والجسم، فقد فتنت أوروبا بالجديد من مغامرات الشرق، وبدأت تنتقل في مسارح أوروبا تعرض شيئا جديدا لم يعرفه فحول أوروبا الجديين من أسرار الأنوثة الفاضحة، وطبعا فإن الوصول لهذه الفاتنة كان مغريا ومكلفا، فقد استطاعت ان تبني علاقات شتى مع ضباط وشخصيات نافذة.ثم اندلعت الحرب العالمية الأولى فتركت برلين وانصرف الناس للقتل والضرب والحرب وخبا بريق ماتا هاري، وهناك في هولندا اتصل بها القنصل الألماني، ولضيق يدها وتقشف الحرب فقد عرض عليها عشرين ألف مارك ألماني ذهب لتشتغل بالجاسوسية لحساب الألمان فراقها ذلك ثم لعبت على الألمان وتعاونت مع الاستخبارات الفرنسية كعميلة مزدوجة تقبض من الطرفين، ولكن اللعب على الحبال يعرض للسقوط وهو ماحصل حين اشتمت الاستخبارات الفرنسية أخبار نقلها لمعلومات في غاية السرية والخطورة للألمان قيل كانت في خطط بناء الدبابات ولم تكن معروفة بعد مما دفع الألمان لاستخدام الغازات السامة فمات الآلاف من الجنود المقرودين اختناقا.

وفي 15 أكتوبر 1917 م اقتادوها إلى غابة فنسين وهناك أنهوا حياتها بالرصاص. أما الممرضة كارل فكانت من نوع مختلف؛ فقد عملت ممرضة في بلجيكا، وهناك ساعدت الكثير من جرحى الحرب للفرار فحاكمتها السلطات الألمانية وأنهت حياتها في نفس اليوم 15 أكتوبر ضربا بالرصاص قبل نهاية الرقاصة ماتا هاري بسنتين تماما في نفس اليوم..