لم يدر بخلد المهندس الصيني "يونغ غو فو" القادم من العاصمة الاقتصادية لبلاده "شنغهاي"، لأرض الحرمين الشريفين في يناير 2011، للعمل بإحدى شركات المقاولات المحلية، أنه سيتحول إلى الإسلام، مخلفاً وراءه ديانته السابقة.

"يونغ" ذو السبع والثلاثين ربيعاً لم يفكر في بداية عمله الجديد في جدة في التعرف على الإسلام وتفاصيله الداخلية، حينما تحصل على عقد للعمل مهندساً بإحدى شركات المقاولات المحلية، إلا أن سلوكيات المجتمع من حوله، وسماعه للأذان على مدار اليوم، ورؤيته لمن حوله من المسلمين يؤدون شعائرهم، كل ذلك دفعه للبحث عن الأسباب التي تدعو المسلمين للمداومة على هذه الفروض الدينية. "يونغ" تحدث في حفل الاحتفاء به الذي أقامه مكتب الدعوة الذي كان يتردد عليه بالمنطقة الصناعية بجدة عن قصة حصوله على عقد العمل بالمملكة، وقصة حضوره للمملكة على غير المتوقع رغم الحالة الاقتصادية الجيدة التي يتمتع بها في مدينته التي يصفها بأنها من أكبر مدن الصين من حيث تعداد السكان. "يونغ" لم تقنعه بعض الإجابات كما يقول مدير مكتب الدعوة بالصناعية المهندس فؤاد كوثر في حديثه الخاص إلى "الوطن"، ويضيف:"يونغ لم تكن تقنعه بعض الإجابات من بعض الناس، لعدم تخصصهم في هذا الجانب، وهو لم يترك أحدا من عامة الناس ورجال الأعمال وأصدقائه المقربين من المهندسين إلا وتحدث إليه سائلا عن ماهية الإسلام، ومر برحلة بحث عميقة، تخللتها أسئلة كثيرة كان يطرحها، حتى وصل بعد اقتناع تام إلى اعتناق دين نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم".

"يونغ" بدا متميزاً في رحلة دخوله للإسلام، والتي ربما جاءت أيضاً من الموقع الجغرافي المتميز لمقاطعته التي جعلت منها مرفأً تجارياً مهماّ وأحد أكبر أقطاب الصناعة في البلاد.

لم يقتصر اعتناق الإسلام على المهندس الصيني يونغ فقط، بل تعداه إلى خمسة من زملائه، سبقه بعضهم ولحقه آخرون، الأصدقاء الخمسة أجمعوا في أحاديثهم على أنهم عاشوا قصة ارتباك طويلة عشر سنوات ما بين (2001- 2010)، خاصة في ظل هيمنة الصورة النمطية عن الإسلام والتي ركزتها أجندة الإعلام الغربي عموماً والتي كانت تظهره دائما بمظهر الإرهاب، وتحديداً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 والتي وقعت بالولايات المتحدة الأميركية، وهي الفترة التي يركز عليها يونغ وأصدقاؤه في سياق حديثهم حول فترة وجودهم في الصين، حتى قال أحدهم ما نصه "عشنا فترة اهتزاز تجاه الإسلام بفعل الإعلام الغربي". إلا أنهم راحوا ينتقلون ما بين مربع إلى آخر ليصلوا ـ حسب قولهم ـ إلى أن "اعتناقهم جاء عن قناعة واختيار شخصي تام"، إلا أنهم أضافوا لسلسلة قناعاتهم عدداَ من الدوافع الأخرى التي دفعتهم للإسلام، فبالإضافة إلى تأثرهم "برؤية مجاميع المصلين التي كانوا يشاهدونها والتي أثارت داخلهم العديد من الأسئلة، فإنهم تأثروا أيضا بالتعامل الخلوق من أقرانهم في الشركة التي يعملون بها، والذي كان له الأثر البالغ في نفوسهم.

الاحتفاء بإسلام الصينيين الستة جاء في إطار احتفاء عام بـ 50 مسلما جديدا من شرق وغرب آسيا اعتنقوا الإسلام عبر "مكتب الدعوة بالصناعية"، المدير العام للمكتب فؤاد كوثر أكد أن إسلام هؤلاء الموظفين يأتي بسبب تضافر جميع الجهود، والمعاملة الحسنة، والتوعية، والإرشاد، مشيرا إلى أن "تعاوني الصناعية" يشارك في برامج ونشاطات الشركات باستمرار، حيث يساهم دعاة من المكتب في تقديم المحاضرات، والدروس العلمية لموظفيها بلغات مختلفة، وقد هدى الله مجموعة منهم للإسلام نتيجة لتلك البرامج".