وكلام أستاذنا زياد الدريس في "الحياة" أمس على "متمّه"، كثيراً ما تكرر في السينما والمسرح العربيين: أن يضرب "زعيطٌ" "معيطاً" كفَّاً، ثم يسرع باكياً شاكياً عند "نطاط الحيط": "معيط" ضربني بوجهه على يدي يا سيدي! وهو ادعاءٌ مضحك، ولكن شر البلية: أن يصدقه "نطاط الحيط" ويحمله على محمل الجد!
وهذا ما تفعله "إسرائيل" كلما كشف الإعلام تجاوزاً من تجاوزاتها لحقوق الإنسان، والقوانين والأعراف الدولية، وآخرها المجزرة التي قامت بها في سفينة "مرمرة" التركية، في ناشطين مسالمين، جاؤوا من مختلف أنحاء العالم ليقوموا بأضعف الإيمان، وهو الدعم الإنساني الرمزي لشعب "غزة"، المحاصر منذ سنتين من داخله وخارجه! فالمسؤول عن هذه المجزرة ليس الجيش الإسرائيلي بل أولئك المتوحشين الذين أثاروا الهلع والفزع في الجيش الإسرائيلي؛ بتهريبهم أسلحةً في سفن مدنية! وقد قام الجيش الإسرائيلي بهذه العملية، بعد أن تشابهت "السفن" عليه؛ ليثبت للعالم أن أولئك البرابرة، لا يقتصر خطرهم على إسرائيل، بل يمتد إليهم امتداد تفجيرات 11 سبتمبر، وقطارات "مدريد"، و"ميتروات لندن"! وأنهم مهما حاولت أن تنقلهم للألفية الجديدة فإنهم لا يتقنون إلا لغة الدم، والقتل والتدمير! وفي كل مرة تمد لهم إسرائيل يد السلام البيضاء "يتلككون" بأتفه الأسباب! فما إن نشر الإعلام "الإسرائيلي" خبر سفينة "الحرية" حتى طاروا في العجة، وارتفعت أصواتهم المندِّدة بالتفاوض مع إسرائيل لبلورة سياسة "ولدهم"/ "براك بن حسين أوباما" بإقامة الدولة الفلسطينية المجاورة لدولة إسرائيل!
ومع تكرار المشهد الإسرائيلي في "دير ياسين"، و"صبرا وشاتيلا"، و"محمد الدرة"، و"تقرير جولد ستون"، لا يفعل الإعلام العربي أكثر من أن يفغر فاه؛ دهشةً: كيف يصدِّق "نطاط الحيط" هذه اللعبة الإسرائيلية المكشوفة!
وكأن العرب لا يريدون تصديق أن "نطاط الحيط" هو أساس البلاء، وما إسرائيل إلا ذراعه التي يبطش بها متى أراد، ويصافح بها من يشاء، متى وكيفما شاء، منذ أن ربَّى له اليهود "العقدة"، بفكرة "المحرقة النازية"، التي مهما خدم إسرائيل فلن ينجو من نار الندم عليها، والإحساس بالذنب لما اقترفه بحقها! وإن كال بمكيالين.. مكيالين فقط؟ وليس مع العرب وحدهم، فها هو "نطاط الحيط" يتكرم في أواخر عام 2008 بشطب اسم "نيلسون مانديلا"، العجوز الذي أعطى التاريخ سمرته الساحرة، من قائمة الداعمين للإرهاب! فيما كان يعامل "مناحيم بيجن"، و"إسحق شامير"، و"آرييل شارون" معاملة الأبطال؛ إذ طالما تلقت "كفوفهم" ضربات الوجه العربي الصفيق!