ما الذي يدور في مجتمعنا حتى تركز معظم الفتاوى على المرأة وتنادي بمعارضة مشاركتها في الحياة؟ ولماذا تخلط هذه الفتاوى بين الجنس وبين المرأة؟ هل المرأة شيطان؟ لا يمكن لأي أحد أن يسلم بهذا الافتراء فأمهاتنا وبناتنا وزوجاتنا وأخواتنا لسن شياطين.

بل إن الإسلام أكرمهن وأعطى على سبيل المثال السيدة خديجة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم دوراً في نشأة الدعوة لتكون رمزاً على سمو عقل وشخصية المرأة.

إزاء هذه الحالة، لابد من تغيير الوضع لإعادة الاحترام إلى المرأة حتى لا تنشأ الأجيال على التمييز ضدها.




أمامي كم هائل من هذه الفتاوى وكلها فتاوى أحادية لا يراعي فيها أصحابها فقه الواقع. فجاءت جميعها غريبة وتدور حول إقصاء المرأة إلى درجة يصعب فيها تمييز غرابة إحداها عن الأخرى. أبدأ بأحدث واحدة منها وهي جواز إرضاع المرأة للرجل الكبير للحماية من الوقوع في الخطيئة. وهناك فتاوى أخرى غريبة مثل: هدم الحرم لمنع الاختلاط بين النساء والرجال، وقتل من يجيز الاختلاط.

ومنها ما يختص بالاستمتاع بالمرأة بالمسيار وفي السفر وفي زواج الفرند.

إضافة إلى ذلك، هناك فتاوى تحرم على المرأة العمل والرياضة والتعليم والسفر أما آخر تلك الفتاوى فهي التي تحرم على المعلمات تعليم الأطفال الذكور في المرحلة الابتدائية الأولى.

تبين هذه الفتاوى أن أصحابها يختزلون الجنس في المرأة.

فهم لا ينظرون إليها باعتبارها أماً وبنتاً وأختاً وزوجة ولا إلى أدوارها في الحياة: عاملة، معلمة، طبيبة، عالمة، محامية، وزيرة أو رئيسة بنك أو شركة.

إنما يرونها (متاعاً) لهم في البيت فقط. ولكي يحرموا عليها الخروج وبالتالي يمنعونها من المشاركة في بقية الأدوار، فسروا خروجها من البيت كأنه النار التي تحرق كل شيء وكأن وظيفتها في الحياة وظيفة شيطان خُلقت لتغوي الرجل إلى الرذيلة. من أجل ذلك يقف هؤلاء أمام أي مشروع تنويري يضمن مشاركة المرأة.. ويحرضون العامة على معارضته.

الجنس.. علاقة ثنائية طبيعية في حياة البشر، تحدد وتصون ثنائيته شرائع وعقائد كل مجتمع. ولأنه طبيعي، يفترض أن لا تُتهم به المرأة.. ولا يصبح هو الشاغل الأهم والأوحد لتفكير الناس في كل لحظة من حياتهم.

لكن عندما يكثر الحديث والصخب حوله ويُحشر في كل صغيرة وكبيرة من مناحي الحياة، فمعنى ذلك أن خطأ قد طرأ في أحد أمرين، إما في التشريع أو في طبيعة البشر. وبما أن نصوص الإسلام المنظمة له لم تتغير، فلابد أن نبحث عن الخطأ في مفهوم.. وعقول الذين يجعلون منه محور ارتكاز في كل دقيقة من حياتهم.