حذر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو من "وقوف المجتمع الدولي متفرجا أمام المذبحة الجارية في سورية". وقال داود أوغلو خلال مؤتمر في جامعة جورج واشنطن في العاصمة الأميركية مساء أول من أمس "لا يمكننا أن نتفرج على السوريين وهم يقتلون كل يوم من دون أن يتحرك المجتمع الدولي". وأضاف "نريد خلق منبر دولي إذا لم تتحرك الأمم المتحدة، لكي نبرهن على تضامننا مع الشعب السوري في مواجهة حمام الدم هذا". وقال "نظام مبارك ونظام بن علي ونظام القذافي وصدام والأسد كلها أنظمة من زمن الحرب الباردة، كان ينبغي أن تنتهي في التسعينيات، مثل تشاوشيسكو وميلوشيفيتش".
ومع أن حدة حملات القمع تتزايد في سورية، إلا أن الدول الغربية لا تزال تستبعد تماما أي تدخل عسكري على الطريقة الليبية في هذا البلد، لأن المخاطر الناجمة عن تدخل من هذا النوع تبقى كبيرة جدا. ومن واشنطن إلى مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل مرورا بباريس ولندن وغيرها من العواصم الغربية، تزداد اللهجة حدة يوما بعد يوم ضد نظام الرئيس بشار الأسد، من دون أن تكون هناك أي إشارة إلى خطوة تصعيدية إضافية على الأرض ضده.
وكرر الأمين العام للحلف الأطلسي اندرس فوج راسموسن مرارا أمام الصحفيين موقف الحلف من الوضع في سورية، وقال في أحد تصريحاته الأخيرة بهذا الصدد "دعوني أكن واضحا جدا: لا نية للحلف الأطلسي على الإطلاق بالتدخل في سورية". وأدلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بتصريحات مشابهة رغم الدعوات الصادرة عن معارضين سوريين وعن أعضاء في الكونجرس إلى دعم المعارضين عسكريا لمواجهة نظام الأسد. وتؤكد الدول الأوروبية أنها ستعتمد خيار تشديد العقوبات الاقتصادية لدفع نظام الأسد إلى التراجع أو التنحي. وهي لا تلجأ إلى أي تلميح إلى إمكانية حصول عملية مشابهة لتلك التي حصلت في ليبيا. وقال دبلوماسي أوروبي بارز في بروكسل "إن من أهم المشاكل السياسية الفعلية التي تواجهنا هي التحفظ الشديد الذي تواجه به أي إشارة إلى السابقة الليبية" من قبل دول عدة، مضيفا "في الوقت الحاضر نحاول تجنب أي إشارة إلى الحلف الأطلسي". ويضيف "حتى فكرة إقامة منطقة حظر جوي ليست واردة في الوقت الحاضر". وفي المقابل تطالب المعارضة السورية بإقامة "ممرات إنسانية" على مقربة من الحدود مع تركيا، إلا أن المناقشات التي جرت حول إمكانية إقامة هذه الممرات لم تحقق أي تقدم بعد.
ولا يخفي الخبراء في الحلف الأطلسي قلقهم إزاء المصاعب التي قد تواجه أي تدخل عسكري في سورية. وقال دبلوماسي أوروبي "لقد احتجنا لسبعة أشهر لإسقاط القذافي، فكم من الوقت سنحتاج لإسقاط الأسد؟". كما تنظر الدول الغربية بحذر شديد إلى اقتراح السناتور الجمهوري جون ماكين تقديم السلاح إلى الجيش السوري الحر. وقال دبلوماسي أوروبي "إن إرسال السلاح بشكل رسمي إلى المعارضة يعني تغذية الحرب الأهلية، وهذا بالتحديد ما نسعى إلى تجنبه بأي ثمن".