من أهم المشاكل التي نواجهها ادعاء المعرفة بكل شيء، والتنظير في كل شيء، وكأن كل منا جهبذ زمانه في كل المسائل. عندما يلعب أحد أنديتنا أو المنتخب الوطني يصبح لدينا بين ليلة وضحاها مئات المدربين ومئات المحللين والمعلقين وهم قادرون على وضع التشكيلة وتحديد أسباب الخسارة بثقة متناهية ومن باب الفهم المطلق للحالات دون أن يعطوا مساحة صغيرة لرأي المدرب أو الإداري أو حتى اللاعبين، ولا يعجبهم العجب ولا صيام رجب، وكل ذلك يأتي إذا خسرنا المباراة، أما إذا فزنا (ولو كنا قد لعبنا أسوأ مباراة في تاريخنا) فإن المعادلة تتغير ببساطة متناهية إلى مديح له أول وليس له آخر وينسى الجميع أن الفريق كان سيئاً وربما فاز بالصدفة. لنقف قليلاً عند مباراة المنتخب السعودي مع منتخب إسبانيا الأخيرة ضمن تحضيرات الفريقين لاستحقاقاتهما المقبلة والآراء التي تلت هذه المباراة... فمنهم من اعتبر أن ضعف المنتخب السعودي أضعف المنتخب الإسباني وهذا كلام برأينا فيه تجنٍ وكلام استفزازي واضح على المنتخب... ومنهم من بقي مشيداً بالفريق للحظة دخول هدف الفوز للإسبان فانقلب رأيهم رأساً على عقب... ومنهم من كان متفهماً أن نتيجة كهذه مع المرشح الأول لإحراز كأس العالم هي نتيجة أكثر من رائعة.
والمهم هنا أن معايير مناقشة واقع المنتخب مبنية فقط على النتيجة وليس على المعايير الموضوعية التي تدرس كل الحالات بمنطق (أعط الخباز خبزه...) وخاصة عندما يكون المنتخب في معسكر تدريبي لا تهم فيه النتائج بقدر ما تهم الحالة العامة للفريق.
في كل الأحوال نرى أن المنتخب السعودي قدم مباراة جيدة وكانت تنقصه بعض الأمور الفنية التي درست بالتأكيد من الجهاز الفني المعني، لكن بدا واضحاً أنه تنقصه أيضاً الثقة بالنفس وهذا يجب ألا يكون لأن المنتخب هو أحد فرق المونديال لدورات عدة ولولا الذي حدث لكان أحدها في هذه الدورة أيضاً، ولكن هذه المباراة من وجهة نظري أعطت كثيراً من التفاؤل بهذا المنتخب على صعيد كأس أمم آسيا، فلم يعد مقبولاً من المنتخب على الإطلاق أقل من إحراز الكأس لأن جماهيره متعطشة لإنجاز يعيد له هيبته.
نقطة أخيرة أود الوقوف عندها أن أي فريق أو لاعب يتعرض لنكسة حتى ولو كانت في نفس المباراة ولا يعود لينهض واقفاً من جديد لا يستحق التعب معه، وكما يقولون في الأمثال: الضربة التي لا تقصم ظهري تقويني... لأننا نرى أحياناً حالات استسلام غير مبررة مع أول ضربة!.