شددت السلطات السورية الخناق على مدينة حمص بقطع الكهرباء والاتصالات والإمدادات مع تصاعد عمليات القصف، في محاولة من النظام للقضاء على أحد أكبر معاقل الاحتجاجات. وأكد الناشط عمر شاكر في اتصال عبر سكايب من حي بابا عمرو أن "القصف المركز والعنيف بدأ فجر أمس، بعدما كان متقطعا في الليل". وأضاف "إن البنية التحتية لبابا عمرو أصبحت مدمرة بالكامل إذ جرى استهداف خزانات المياه وأعمدة الكهرباء، كما تضرر 40% من منازل الحي نتيجة القصف، فيما دمرت بعض الأماكن كليا". وقال شاكر إن "الوضع الإنساني والطبي سيئ للغاية. إننا نحاول إقامة مشفى ميداني ولكننا نفتقر إلى الإمدادات الطبية والغذائية".
وبث ناشطون مشاهد مباشرة على الإنترنت من حمص تظهر تعرض المدينة للقصف، فيما سمعت أصوات تكبير من المآذن. وقال شاكر "من الواضح أن الهدف من الهجوم تمهيد الطريق لهجوم بري على معاقل المحتجين في المدينة" التي يبلغ عدد سكانها 1.6 مليون نسمة. وأشار إلى أن قوات النظام "تحاول الاقتحام وقد اقتربت من حي الإنشاءات واحتلت مشفى الحكمة". ويؤكد ناشطون ومسؤولون في الجيش السوري الحر أن القوات السورية لم تعد تسيطر بشكل كامل على أجزاء واسعة من حمص، إلا أن ذلك لا يعني أن هذه المناطق تحت السيطرة الكاملة للجيش الحر الذي ينقصه العتاد والسلاح الثقيل. وذكر ناشطون أن الجيش السوري يكثف عمليات القصف، لأنه يخشى حرب شوارع في حال دخوله أحياء حمص المنتفضة، علما أنه موجود في أماكن أخرى من المدينة.
وقتل 62 شخصا أمس، بينهم أطفال ونساء وأربعة عسكريين، خمسون منهم في حمص. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن 20 شخصا من ثلاث عائلات، بينهم أطفال، قتلوا في منازلهم ليلا في المدينة. وأوضح المتحدث باسم الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبد الله في اتصال من حمص أن الأشخاص ينتمون إلى عائلات غنطاوي وتركاوي وزامل. وقال إنهم "ذبحوا بالسكاكين وطعنوا بأدوات حادة على أيدي عناصر الأمن والشبيحة الذين اقتحموا منازلهم في حي السبيل". وتابع العبد الله "هناك أحياء لا نتمكن من الدخول إليها بسبب النيران"، فيما "وسائل الاتصالات مقطوعة عنها". وأضاف "القصف ما زال مستمرا ونسمع أصواتا مرعبة في كل أرجاء حمص". كما ذكر أن النزوح من حي إلى آخر غير ممكن بسبب نيران القناصة و"عدم وجود مناطق آمنة خارج الأحياء المستهدفة"، متخوفا من "حدوث مجازر جديدة". وأكد أن دبابات القوات السورية "قامت بسحق السيارات ونهب المحال التجارية" في الأمكنة التي اقتحمتها. و"في المنازل التي دخلت اليها، تم تحطيم أجهزة كمبيوتر وتلفزيون". في غضون ذلك، تتوالى نداءات الاستغاثة عبر القنوات الفضائية ووسائل الإعلام، لإدخال مواد طبية وأطباء إلى حمص.
وأكد الطبيب علي الحزوري وجود 500 جريح، بعضهم في حالة حرجة في بابا عمرو، نصفهم من النساء والأطفال. وكان الحزوري يشرف على مشفى ميداني أغلق بعد تعرضه للقصف. وتابع "إن الجرحى موجودون في منازل، لأن المشفى الميداني لم يعد صالحا"، مضيفا "إننا نعالجهم باستخدام وسائل طبية بسيطة جدا". كما أشار إلى إصابة عدد من الأطباء والممرضين في القصف على المشفى، "بعضهم في حالة حرجة، وأحد المسعفين من الهلال الأحمر بترت ساقاه". ووصف المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية رياض الشقفة الوضع بحمص بحرب إبادة جماعية. وقال "ما يقوم به النظام في حمص هو حرب إبادة لا أقل". وأعرب الشقفة عن تأييده لفكرة التبرع لدعم تسليح الجيش السوري الحر بقيادة العقيد رياض الأسعد. وتابع "لابد من دعم الجيش السوري الحر، لأنه لم يعد مقبولا السكوت على هذا الوضع الراهن".