لم يكن من اللائق أبدا أن يبادر رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما بالتأكيد على اعتقال بلاده للرئيس السوداني عمر البشير حال وصوله جوهانسبرج لمشاهدة افتتاح كأس العالم الشهر المقبل.. ولقد كان يمكن لزوما أن يختار من الألفاظ مايناسب الإجابة على السؤال الذي وجه إليه في البرلمان حول تصرفه حال وصول البشير. والذي حدث أن الرئاسة في جنوب إفريقيا وجهت الدعوات لزعماء الدول الإفريقية لحضور العرس الكروي العالمي الأكبر, وكان من ضمن المدعوين الرئيس البشير. وقد فات على ديوان الرئاسة أن البشير ممنوع دوليا من السفر, ومن ثم فقد بادر أحد أعضاء البرلمان بتوجيه سؤال مباغت أو مرتب عن التصرف حال دخول رئيس مطلوب للعدالة الدولية بمفهوم مورينو كامبو . ومهما يكن من أمر فقد صدمت إجابة زوما الكثيرين لأسباب متعددة أولها أنه رئيس جنوب إفريقيا التي ذاقت الأمرين من التفرقة العنصرية قبل أن تنتصر على يد مانديلا العظيم ورفاقه الأحرار, أي أن زوما المطالب أو المقترح لاعتقال البشير حال وصوله هو سليل آباء وأجداد أحرار في بلد يظل رمزا للحرية. والثانية أن ظروف الرئيس البشير الداخلية كما هو معلوم للسفير الجنوب إفريقي لا تسمح بمغادرته البلاد وهو خارج لتوه من انتخابات رئاسية فضلا عن إنصرافه لترتيب البيت السوداني. والثالثة أن مراسم تنصيب الرئيس البشير حضرها ممثل للأمم المتحدة وآخر لمنظمة الوحد الإفريقية وثالث لجامعة الدول العربية, بل إن سفير زوما نفسه حضر المناسبة. ولأن ذلك كذلك فإن مسألة اعتقال البشير لم تعد تنطلي على كثيرين في الهيئات الدولية.
لقد أعاد تصريح زوما عن اعتقال البشير ذكريات مريرة ارتبطت بالتفرقة العنصرية وباتخاذ القرار من الغرب وليس من الجنوب .. جنوب إفريقيا.