توالت أفراح آل مطيف بنجران بعد صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالإفراج عن السجين هادي بن سعيد آل مطيف الذي مكث خلف القضبان نحو 18 عاما، بعد أن زف له البشرى أمير منطقة نجران الأمير مشعل بن عبدالله عندما هاتفه عبر جوال محرر "الوطن" أمس وقال له "ألف مبروك ووظيفتك عندي يا هادي".. سبق ذلك سجود آل مطيف شكرا لله ثم وقف ودموع الفرح تذرف من عينيه بالإفراج عنه.

"الوطن" رصدت أمس تفاصيل قصة الإفراج عن آل مطيف واتصال أمير نجران المباشر بالمفرج عنه ومشاعر الفرحة والسرور في منزل أسرته.

بشرى ووظيفة

"ألف مبروك ووظيفتك عندي يا هادي".. بهذه العبارة زف أمير منطقة نجران ظهر أمس البشرى للسجين هادي آل مطيف، عندما التقته "الوطن" داخل شعبة السجن العام بالمنطقة واتصلت على الأمير مشعل الذي طلب من المحرر مكالمة آل مطيف، وقال له "إنني أبارك لك صدور أمر مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالإفراج عنك وإنهاء معاناتك التي استمرت ما يقارب العشرين عاما.. وأنت أحد أبناء الشعب السعودي الذي يحرص الوالد القائد على الوقوف معهم في أي زمان ومكان والسهر على راحتهم وتذليل كافة الصعاب التي تعترض حياتهم نحو العيش الرغيد في هذا الوطن المعطاء.. كما أنني أبشرك بأن وظيفتك علي وجاهزة عقب إنهاء إجراءات الإفراج عنك.. حيث إن الأمر قد صدر وسوف أوقع قرار الإفراج خلال اليومين المقبلين".

وأجابه آل مطيف "أن هذا ليس غريبا على خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسموكم الكريم ونحن نفتخر بأن سخر الله لنا قيادة حكيمة تعمل جاهدة على راحة مواطنيها".

خادم الحرمين: هو على بالي

إلى ذلك، أكد أمير منطقة نجران في تصريح خاص لـ"الوطن" أمس أنه يعتبر نفسه أحد أهالي منطقة نجران وقال "كل ما يسعد أهالي نجران يسعدني، فأنا ما وضعت في هذه المنطقة الغالية إلا لخدمتهم ولتنفيذ توجيهات مولاي خادم الحرمين الشريفين وسيدي ولي عهده الأمين للعمل على راحتهم وتنمية الإنسان والمكان في كل شبر من أرجاء نجران والمحافظات التابعة لها"، وأضاف "كنت أعرض قضية آل مطيف على خادم الحرمين الشريفين عندما أقابله وفي كل مرة يجيبني: هو على بالي.. حتى أصدر أمره الكريم بالإفراج عنه. وأسأل الله العلي القدير أن يجزي خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء وكل من سعى في الإفراج عن هذا السجين الذي أعتبره أخي ووالدته والدتي وأهله وإخوانه أقاربي، وأهل نجران يستاهلون كل خير وسوف يحصل هادي على وظيفة في إمارة المنطقة فور خروجه من السجن مباشرة قريبا بإذن الله".

وفود التهاني

وتوافد المهنئون إلى أسرة آل مطيف للتهنئة بنبأ الإفراج وخالط الابتسامة دموع الفرح، وقال شقيقه علي سعيد "لا أستطيع وصف مشاعر البهجة والسرور بعد أن قضينا أياما عصيبة، وكنا نتمنى وجود هادي بيننا منذ عقدين من الزمن وتحقق بفضل الله ثم بجهود خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وأمير منطقة نجران، فلهم منا كل الشكر والتقدير على هذه المبادرة غير المستغربة، وإلى مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ وإلى شيخ شمل قبائل مواجد يام الشيخ صمعان بن نصيب وكل من اهتم بموضوع شقيقي هادي."

لفتة كريمة

أما أم هادي، فقالت "لقد حرمت من رؤية ابني منذ 18 عاما، وكنت أعاني في تلك الفترة بسبب بعده عني وأنا أشعر بمرارة الحياة ولم أذق طعم السعادة.. ولكني لم أفقد الأمل في الله ودائما ما يأتيني شعور بقرب الفرج وكنت أدعو في آخر الليل أن يفرج الله عنه.. وهذه الأيام لم أذق طعم النوم منذ سمعت خبر الإفراج ولا أستطيع أن أصف فرحتي فقد غصت الكلمات بالعبرات في حلقي ودموعي تسبق كلامي وشكري وخالص دعواتي لخادم الحرمين الشريفين الذي أضاء النور في عيوني مرة ثانية بهذه اللفتة الكريمة".

من جهته، قال سالم حمد -عم المفرج عنه- "لم أتمالك نفسي من الفرحة، فمثل هذا الخبر تدمع له العيون" وتابع "فالحمد لله أولا وأخيرا.. ونرفع أيدينا مبتهلين أن يمد الله في عمر خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على لفتتهما الأبوية تجاه ابننا هادي ونرفع الشكر إلى أمير نجران لما بذله في سبيل الإفراج عن هادي".

لقاء "الوطن"

مدير عام السجون في المملكة اللواء الدكتور علي الحارثي وجه بتيسير دخول "الوطن" إلى سجن نجران للالتقاء بالمفرج عنه، في تصرف يؤكد حرص إدارة السجون في المملكة على إسعاد جميع النزلاء ومعاملتهم بكل حكمة وإنسانية والفرح لفرحهم.

وكان في لقائنا داخل شعبة السجن العام مدير الشعبة الرائد عبدالرحمن القحطاني الذي رحب بـ"الوطن" وأمر بإحضار السجين آل مطيف دون قيود أو سلاسل وقال "إن إدارة الشعبة بمتابعة من مدير سجون المنطقة العقيد علي الشهري مكنت هادي من إتمام المرحلة الثانوية بعد أن دخل إلى السجن وهو مكمل للمرحلة الابتدائية فقط وحصل على العديد من الدورات في الحاسب الآلي والآلة الكاتبة، والحقيقة أن سلوكه داخل أروقة السجن جيدة بشكل عام".

السجود شكراً لله

وفور وصول آل مطيف إلى مكتب مدير الشعبة، طلب سجادة ليخر ساجدا شكرا لله ثم وقف والدموع تذرف من عينيه واتصلت "الوطن" حينها على أمير منطقة نجران الذي طلب مكالمة المفرج عنه وعقب إنهاء الاتصال قال آل مطيف "نحمد الله على قضائه وقدره وليس غريبا على ولاة الأمر وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو أمير منطقة نجران، فهم أهل الكرم وأهل العفو والصفح". وعن عمره عندما دخل السجن قال "دخلت السجن عندما كان عمري 19 عاما وأبلغ من العمر الآن 37 عاما وسوف أتوجه بعد الإفراج عني ولقاء أمير منطقة نجران إلى الحرم المكي الشريف لأداء العمرة شكرا لله وللدعاء لخادم الحرمين الشريفين وأن يديم الله عز هذه الدولة المباركة لما لمسته من لفتة أبوية حانية".

نقطة تحول

وقال هادي "إن لقائي بمفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ كان نقطة التحول في قضيته عندما قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.. فأجابني: وجبت توبتك.. لأن الله يقبل التوبة، وأحسنت يا ابني بترديدك لكلمة التوحيد العظيمة، وأنت أخطأت يا ابني وقد أخذت جزاءك والله سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وقد أنطقك الله بكلمة التوحيد التي أوجبت قبول توبتك.. وكرر التالي: هل أنت تائب عما بدر منك.. فأجبته بنعم".

ولاحظت "الوطن" علامات السعادة على محيا ضباط وأفراد السجن، وقال الملازم المناوب محمد القحطاني "إننا نتعامل مع هادي وغيره تعاملا أخويا ونوفر لهم جميع الخدمات" حينها قاطعه هادي وقال "صدقت والله إنني لم أشعر في يوم من الأيام أنكم ضباط ونحن سجناء بقدر أننا نشعر بأنكم أشقاؤنا وتؤدون واجبكم". وعن أصعب فترة واجهته خلال إقامته في السجن قال "يوم وفاة والدي في شهر ربيع الثاني عام 1429" وأما أسعد موقف "فهو عندما تلقيت نبأ الإفراج عني وزاد من سعادتي اتصال أمير منطقة نجران الذي غمرني بالعطف والرعاية".

سير العفو

والتقت "الوطن" بشيخ شمل قبائل مواجد يام الشيخ صمعان آل نصيب الذي سعى في الإفراج عن هادي، حيث قال: "في يوم من الأيام وصلني آل حرفش وقبائلهم آل مطيف وطلبوا السعي في الإفراج عن هادي ووعدتهم بلقاء خادم الحرمين الشريفين الذي هو من كل خير قريب، وبعد زيارتي لأمير نجران قال لي: إنني واحد منكم واعتبر نفسك تراجع لي، وهي منفعة للجميع وسأكون معك في كل صغيرة وكبيرة"، ثم وفقنا الله للقاء خاص مع خادم الحرمين الشريفين وقلت له "ياطويل العمر نحن رعاياكم قبائل يام أهل نجران ندين لكم بالفضل بعد الله في تنمية المنطقة والعمل على رفاهية المواطنين في كل شبر من أرجاء المملكة عامة ومنطقة نجران خاصة، ويوجد في سجن نجران شاب اسمه هادي آل مطيف ولا له خصم ولا يطالبه أحد واليوم قارب على العشرين عاما من بقائه في السجن وأطلب من الله ثم منكم إعفاءه وإطلاقه من السجن"، عندها أجابني قائلا "إننا لن نقصر وسنبذل كل جهد لخدمة رعايانا" وعقبت على المعاملة بالتواصل مع أمير منطقة نجران في مجلس الوزراء، وتم إبلاغنا أنها حولت إلى وزارة الداخلية وأنها في طريقها إلى مفتي عام المملكة ثم إلى الداخلية، عندها التقيت بنائب وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز الذي وعدنا بسرعة إنهاء القضية وإطلاق السجين حسب توجيهات المقام السامي".

وتابع آل نصيب "وبهذه المناسبة أقدم أسمى آيات الشكر والتقدير والعرفان إلى خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو أمير منطقة نجران ومفتي عام المملكة على هذه اللفتة الأبوية الحانية والعفو والصفح الجميل".