مؤلمٌ هو التقرير الذي نشرته "الوطن" الأسبوع الماضي عن الزواج السياحي في مصر والكوارث الأخلاقية والاجتماعية الناجمة عنه، وحسب الدراسة التي أعدتها وزارة الإسكان المصرية على ثلاثة مراكز بست محافظات فإن نسبة زواج القاصرات من غير المصريين بلغت 74 % ! وينتشر الفقر والبطالة والهروب من التعليم في تلك المناطق، ناهيك عن قلة المرافق والخدمات . كما كشفت الدراسة عن أن بعض العرب يهربون من الأطفال والبعض الآخر يمنع الزوجة من الإنجاب، وآخرون يجبرونها على بعض الممارسات غير الأخلاقية بالإضافة إلى أخذهن إلى بلادهم ليعملن خادمات لزوجاتهم هناك!
وهنا اتساءل: من المسؤول الأول عن آلاف الأطفال – الذين تحدث عنهم التقرير- المنبوذين كسقط المتاع من آبائهم، بعد أن أشبع أولئك الآباء نزواتهم وشهواتهم وراحوا وخلوهم وأمهاتهم نهبا للحاجة والعوز والقيل والقال في مجتمعات لا ترحم ؟! من المسؤول الأول لو تحولت تلكم الزوجات السابقات إلى ساقطات يمارسن الدعارة لإطعام أطفالهن ، فقد مارسنها من قبل بغطاء شرعي تحت مسمى الزواج الصيفي أو الزواج السياحي وغير ذلك من المسميات المبتكرة لزيجات آخر زمن ؟! من المسؤول الأول عن زواج طفلة لمدة خمسة أيام فقط من ستيني يجري وراء إشباع نزواته ورغباته الشاذة ؟! من المسؤول الأول عن بيع فتاة في الرابعة عشرة من عمرها لستيني سعودي بمبلغ عشرة آلاف جنيه، إضافة إلى "كم ألف" آخرى رشها المشتري على السمسارة والمحامي المتواطئين لتتم الصفقة ؟! ومن المسؤول الأول عن براءتها المنتهكة بممارسات جنسية شاذة ؟ ومن يعوضها عن روحها الكسيرة ونفسها المعطوبة التي شوهتها وحشية العجوز المتصابي، وعقوق أبوين لم يرحما براءة عمرها الغض؟! من المسؤول الأول عن تزويج أب لابنته ذات السبعة عشر ربيعا 13 مرة من الأثرياء العرب ؟! من المسؤول الأول عن التلاعب بالرباط المقدس، والاسترقاق الجنسي والاستغلال البشع لأجساد فتيات في عمر الزهور وإفساد حياتهن ؟! من المسؤول الأول عن إطلاق هذه الزيجات على عواهنها دون التفات إلى التلاعب الذي من الممكن أن يحدث باسمها؟!
لا شك أن شرعنة هذه الزيجات وتحليلها هو المسؤول الأول عن كل هذه البلايا والرزايا، فالعقلية "الذكورية" لا تسد الذرائع إذا ما تعلق الأمر بالرغبات الذكورية الجامحة، مخولة "بني ذكران" الحق في الذهاب مع شهواتهم إلى أبعد مدى ، في حين أنها تستأسد وتستشرس في إحكام سد الذرائع إذا ما تعلق الأمر بمنافع تجنيها المرأة!
في فتوى قوية ، لا شك أنها ستساهم في الحد من ظاهرة استغلال القاصرات وبيعهن ، اعتبر مفتي مصر الدكتور (علي جمعة) زواج القاصرات زنى ، واستغلالا جنسيا للأطفال ، يجب معاقبة من يفعله أو يقوم به سواء الأبوان أو المحامون أو الوسطاء (السماسرة) ، مؤكدا أن "الأب" الذى يزوج ابنته "القاصرة" لرجل فى عمر جدها يعتبر "فاسقا"، وتسقط ولايته على أبنائه.
ما أحوجنا إلى فتوى تحرم زواج القاصرات ، وإلى أخرى تحرم زيجات المسيار والمسفار والسياحة .. إلى آخر ما ابتلينا به من زيجات ، علّنا نضبط ما انفلت من روابط غير مقدسة تحت اسم الزواج !