أكاد أتفق تماماً مع ما طرحه الخبراء الغربيون والعرب المشاركون في مؤتمر "يوروموني" في الرياض، الأسبوع الماضي، حول الجاذبية التي تتميز بها المملكة بما تحتضنه من فرص استثمارية دولية سحبت البساط عن مواقع كانت في صدارة المواقع الجاذبة.

الخبراء ناقشوا في مؤتمرهم جملة من الملفات الداخلية السعودية المتعلقة بالشأن المالي والنقدي والنقل والتقاعد، ولم يوفروا الصناعة المالية ومستوى الأداء الاقتصادي، والقطاع المالي والمنظور العالمي للأسواق الناشئة، وكذلك الاستثمار في الملكية الخاصة، وتوقفوا أمام ملف النفط ومنتجاته والموارد التموينية، إضافة إلى مستقبل الصكوك وتطوير خدمات الضيافة وتمويل الشركات، والاستثمار في العقار.

وفي مناقشاتهم المعمقة كانوا واضحين في الحديث عن المملكة، لكونها إحدى أكثر الدول عالمياً جذباً للاستثمار وإتاحة الفرص الاستثمارية المغرية خاصة في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية، وبالذات في وقت تغيب التشريعات عن دول مهمة في أمريكا الجنوبية وإفريقيا، ناهيك عن اضطراب آسيا، وتكدس الديون في أوروبا وأزمة السوق المالية الأمريكية.




المملكة أكـّدت سلامتها وبعدها عن كثير من الأزمات الدولية، على الرغم من مرورها الصعب بكثير من الأزمات الداخلية أيضاً، مثل أزمة سوق الأسهم، وهرولة العقار، وارتفاع تكلفة المعيشة، علاوة على حاجاتها البنيوية الأساسية لكثير من مفاصل الاقتصاد والاحتياجات الطبيعية، مثل شح المياه، وتقلّب الأحوال المعيشية. حافظت المملكة على موقع السلامة الاقتصادية بين عشرات من دول العالم الجاذبة، على الرغم من أن تأثيراً ما قد تحقق بطبيعة الحال، إذ إن المملكة ليست دولة تعيش خارج الكوكب. إلا أن المدهش واللافت والباعث على الإعجاب هو الموقع المميز الذي تمتعت به وسط أمواج متلاطمة من الأزمات الدولية.

هذا يعني أن مستوى الإعجاب الذي حظينا به يجب ألا يلفتنا عن استمرارنا في الإصلاحات الاقتصادية العميقة، إذ على صناع القرار الاقتصادي والمشاركين فيه أن يُدركوا أن الظروف الدولية التي منحتنا الميزة الآنية يُمكن أن تتغيّر وتولد حقائق جديدة أخرى في بلاد أخرى.

وصناعة القرار الاقتصادي يجب أن تضع في اعتبارها المستقبل البعيد، وليس فقط المستقبل المنظور.

المستقبل الذي يبحث في استراتيجيات الاحتياجات الوطنية على صعيد الاقتصاد والمجتمع والشأن السياسي أيضاً. وهو ما يعني البحث عن بدائل جديدة لمصادر الدخل، سواء عن طريق الاستثمارات الخارجية أو الداخلية. إذ لا يجوز لبلاد أن تعتمد على روافد محدودة لاقتصادها دون سياسات مالية تحفز المستثمرين وتدفع مستويات الثقة إلى أعلى ومصادر متنوعة.