خلال الأسابيع القليلة الماضية، استمعت إلى عروض عدد من المسوقين لمنتجات فريدة من نوعها، وهي عبارة عن أساور يلبسها الفرد لعدد من الأيام ولعدد محدد من الساعات كل يوم، لتقوم هذه الأساور بدورها بطرد الطاقات السلبية وإحاطة لابسها بطاقة إيجابية، تساعده وتحفزه على العيش بشكل أفضل.
 لست ممن يؤيد أو يؤمن بفاعلية هذه المنتجات، ولكن ما دفعني للاستمرار بالاستماع لهؤلاء المسوقين، في ثلاث مناسبات مختلفة، هو اندفاع وحماس هؤلاء المسوقين. لم يكونوا متحمسين لأساور الطاقة على الإطلاق، فشرح المنتج لم يأخذ منهم أكثر من دقيقة أو اثنتين. إنما كان حماسهم، وحماس الجماهير المستمعة لهم، موجها تجاه النموذج التجاري الذي تقدمه الشركة التي ينتمون إليها. فهذا النموذج التجاري، بحسب ادعاءات الشركة وممثليها، قادر على تحويل عدد قليل من الريالات إلى دخل ثابت مستمر مدى الحياة يصل إلى آلاف الدولارات شهريا.
 ويعتمد النموذج التجاري على "شراء" الفرد لمنتج الشركة بمبلغ يفوق سعر المنتج بأضعاف مضاعفة، فالسعر الذي يدفعه المشتري يضمن له الاشتراك في منظومة الشركة التسويقية. يتعين على المشترك فيما بعد تسويق منتجات الشركة، أو بالأحرى النموذج التسويقي، لأفراد آخرين. وبمجرد أن يتمكن المشترك من "إقناع" عدد محدد من الأفراد بالاشتراك، فإنه يكون قد كون مستوى تسويقي تحت مستواه. عندما يبدأ المشتركون في المستوى التسويقي الجديد بتوظيف مستوى جديد أسفل منهم، فإن المشترك الأول الذي جلبهم إلى هذا النموذج التسويقي يبدأ بالحصول على نسبة من الأرباح. وتتزايد هذه الأرباح، حتى تصل إلى مرحلة إدرار دخل ثابت مستمر على المشترك، كلما زاد عدد المستويات التابعة للمشترك عموديا، وباتساع هذه المستويات أفقيا لتضم أكبر عدد من المشتركين.
 الطريقة المقنعة التي يستخدمها المسوقون عند شرحهم للنموذج التجاري، وسهولة المهمة المطلوبة من المشترك لتحقيق الاستقلال المادي السريع، هما أهم العوامل التي تساعد على إبقاء محرك النموذج التجاري دائرا. فالمنتجات التي يتم بيعها لا تحظى بشعبية كبيرة، وبالتالي فإنها لا تمثل إلى غطاء لخدعة تسمى بالخدعة الهرمية. هذه الخدعة تضع مؤسسها على قمة الهرم، ثم يأتي من بعده كل المستويات اللاحقة، وبالتالي فإنه يحقق أرباحا من كل مشترك يدخل إلى أي مستوى في هذا الهرم.  المشكلة في هذا النموذج الهرمي هو عدم إمكانية استمراره. فكل مشترك يحتاج "لإقناع" أو "خداع" عدد من المشتركين الجدد، ولكن مع مرور الوقت، لن يتمكن آخر المشتركين من إيجاد من يخدعهم لتكوين مستوى جديد، لأن كل من يمكن خداعه قد خدع واشترك.