"سكتت رسل التشاؤم عن الكلام منذ وقت طويل، فقد حققت كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا نجاحاً مذهلاً، وكانت المشكلة الوحيدة التي شهدتها البطولة برأيي هي عدم تأهل ألمانيا إلى النهائي، ولكن هذا لم يكن خطأ منظمي البطولة في جنوب أفريقيا.
إن قلبي الألماني يخفق هنا لمجرد فكرة أن ألمانيا، إلى جانب إسبانيا، قدمت أفضل العروض في هذه البطولة. بل إن أداء ألمانيا ربما كان أكثر إلهاما من أداء إسبانيا.
وفي آخر اجتماع للجنة المنظمة لكأس العالم قبل اختتام فعاليات البطولة بقليل، حصل كل شيء على الدرجات النهائية في التقييم. لقد سار التنظيم والأمن بشكل جيد خلال البطولة. ولم تكن إستادات البطولة التي تعتبر من أفضل إستادات العالم حالياً هي وحدها ما أذهل العالم في مونديال 2010 فقد كانت جنوب أفريقيا نفسها دولة مضيفة رائعة حتى نهاية البطولة.
وحتى المخاوف التي سادت من سيطرة الحزن على جماهير جنوب أفريقيا وفقدهم الاهتمام بالمونديال بعد خروج منتخب بلادهم من منافسات الدور الأول لم يكن لها أساس من الصحة، فقد حدث العكس تماماً. كان المشجعون في جنوب أفريقيا مشجعين متحمسين دائماً، كانوا يخرجون إلى الشوارع ويشجعون الفرق والجماهير الأجنبية حتى النهاية. كان مشهدا يمس القلوب، أكثر المشاهد قيمة في هذا البلد واستفادت منه أفريقيا بأسرها.
وشهدت البطولة قصوراً في جانب واحد أو اثنين في البداية فقط، فلم تكن جنوب أفريقيا معتادة على نقل هذه الأعداد الغفيرة من الجماهير ولكن هذه المشكلة تم التعامل معها سريعاً. ولطالما كان المشهد العام للبطولة إيجابياً، أما وجود عدد كبير من الغرف الشاغرة في بعض الفنادق الفاخرة بجنوب أفريقيا خلال كأس العالم فهو لم يكن مشكلة الدولة المنظمة ولكنه مشكلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ووكالته "ماتش".
لكنني لم أرض تماماً عن مستوى التحكيم الذي شهدته مباريات كأس العالم وصولاً إلى النهائي، وهذه أيضاً مشكلة الفيفا. وفي بداية غضبي قلت إن أفضل حل لهذه المشكلة هو محو جميع الأسماء من قائمة الحكام والبدء من جديد لأنني لا أستطيع تحمل رؤية البطاقات الصفراء تنهمر على اللاعبين كلما همس أحدهم أو سعل.
لقد استحقت إسبانيا أن تكون بطلة العالم رغم شكوكي في قدراتها التهديفية، الحقيقة أن الهولنديين هم من قاموا بتصدير هذا النوع من الكرة المعتمدة على السيطرة والاستحواذ إلى إسبانيا. فقد نقل المدربون الهولنديون رينوس ميتشلز ويوهان كرويف ولويس فان جال مدرب بايرن ميونيخ الحالي أسلوب الكرة الهولندية إلى برشلونة.
كان المنتخب الهولندي الحالي يتمتع بالقوة الضاربة الأكبر متمثلة في آريين روبين وروبين فان بيرسي وديرك كويت وويسلي شنايدر. ولكن الحارس الإسباني إيكر كاسياس قدم ليلة مذهلة جديدة في المونديال وكانت إسبانيا الفريق الأقوى بشكل جماعي، وكلما امتد وقت المباراة كلما كانت قدراتهم الفنية تتجلى بشكل أكبر كما حدث من قبل أمام ألمانيا في الشوط الثاني من مباراتهما بالدور قبل النهائي لكأس العالم.
لقد تسبب الشباب في سقوط ألمانيا في النهاية، فكلما قلت الخبرة لديك كلما كان مستواك أقل ثباتاً. ولم تتمكن ألمانيا من تحقيق نتائج أفضل من فوزها 4/ 1 على إنجلترا و4/ صفر على الأرجنتين عندما التقت مع إسبانيا في قبل النهائي لذا فقد استحقت إسبانيا الوصول إلى النهائي.
وبعد احباطات أوروبا الأولى في بداية المونديال بخروج حاملة اللقب إيطاليا وفرنسا واليونان وإنجلترا تحول كل شيء إلى الأفضل بالنسبة للقارة العجوز في النهاية. فللمرة الأولى فاز منتخب أوروبي بلقب كأس العالم خارج أوروبا وجمع النهائي بين منتخبين أوروبيين بينما انتزعت ألمانيا المركز الثالث بالبطولة من القوية، بشكل مفاجئ، أوروجواي بعدما فازت 3/ 2 في مباراة تحديد المركز الثالث فيما كان نتيجة إيجابية لأوروبا في هذه البطولة.
واستحق نجم هجوم أوروجواي دييجو فورلان الفوز بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في البطولة، فيما جاء كعزاء بسيط لأوروجواي بعد هزيمتها في مباراة تحديد المركز الثالث أمام ألمانيا.
والسبب الرئيسي في السيطرة الأوروبية بهذه البطولة يرجع في رأيي إلى ضعف منتخبي البرازيل والأرجنتين. فلم تتمكن أي من هاتين القوتين العظميين الأمريكيتين الجنوبيتين من تقديم أفضل ما لديهما في جنوب أفريقيا وبالتالي فهما لم تتمكنا ممن المنافسة بجدية على اللقب. لقد غيرت البرازيل من أسلوب أدائها ولعبت بطريقة أوروبية أكثر من جميع الفرق الأوروبية مجتمعة، ونتيجة لذلك أصبح أداؤها متوقعاً. ومن المؤكد أن هذا الأمر سيتغير خلال بطولة كأس العالم المقبلة التي ستستضيفها البرازيل نفسها.
أما الأرجنتين فبعدما حققت انتصارات مقنعة في بداية البطولة لم تتمكن من مواكبة أداء ألمانيا عندما التقت معها في دور الثمانية، ولعبت الأرجنتين أمام منتخب ألماني رائع من حيث الاستعداد والتنظيم عندما خسرت صفر/4 أمامه لذلك لا يمكن حقاً أن تلوموا الأرجنتين على خسارتها في هذه المباراة.
لنأمل في أن نحظى ببطولة كأس عالم رائعة في 2014 كالبطولة التي حظينا بها في جنوب أفريقيا”.