البقرة كائن لطيف، غير أن إحدى خصائصها أنها تنشط لأمر ما، فتقبل عليه بعنفوان لا يلبث أن يتحول إلى خمول، فأصبح القوم يقولون: "شوط بقرة"! تجاه كل من يتحمّس لفعل ما ثم تخور قواه قبل التمام. تذكرت هذا المثل وأنا أتابع انقطاع "أشواط" الكهرباء، وقد تعهّدت الشركة منذ زمن بأن هذه السنة ستكون خاليةً من الانقطاعات. ورصدت (المدينة) 19-5-2010 وصول درجة الحرارة إلى 50 درجة قبل عشرة أيام، ناقلة عن شركة الكهرباء: "إن هذا الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة ساهم في زيادة استهلاك الطاقة الكهربائية بالمنازل مما أدى إلى زيادة الضغط على الأحمال، الأمر الذي نتج عنه حدوث بعض الأعطال وانقطاع التيار الكهربائي عن عدد من الأحياء، تم تلافيها مباشرة فور تلقي بلاغات الانقطاع، الذي لم يستغرق سوى ساعات قليلة جداً".
الرئيس التنفيذي للشركة المهندس علي البراك أكد أن: "حاجة السعودية المقدرة من الكهرباء تزيد على 35 ألف ميجاوات خلال السنوات العشر المقبلة، وتوفيرها يتطلب استثمارات قدرت بـ100 مليار دولار، مشيراً إلى أن نسبة نمو الطلب على الكهرباء في المملكة من أعلى المعدلات العالمية، إذ تبلغ في المتوسط نحو 8 في المئة، كما أن نسبة استهلاك الفرد عالية أيضاً، أي بمتوسط بلغ 22 ألف كيلووات/ساعة لكل مستهلك سنوياً"!
والمقصد أننا أمام مشكلة حقيقية. وقد اعتمد مجلس الوزراء قرضاً حسناً قبل أسابيع لصالح شركة الكهرباء، قيمته خمسة عشر مليار ريالا بالتمام والكمال، فنتمنى على رئيس الشركة أن يخبرنا مشكوراً، هل لدى الشركة القدرة حل الانقطاعات، إنْ بخطة وطنية لتخفيض الاستهلاك، أو بإقناع مجلس الوزراء على مضاعفة القرض الحسن، أو بأي وسيلة أخرى، يمكن أن توقف كارثة الانقطاع التي باتت أشبه ما تكون بمسلسل ممل وطويل.
أو أن يعلن لنا على الملأ عن عدم قدرة الشركة على حل المشكلة، ووقوف الرئيس مع فريق العمل مكتوفي الأيدي أمام معضلة بلا حل، لتبحث الحكومة عن بدائل أخرى ضمن مواجهتها لمسؤولياتها، أمام الله، ثم أمام المواطنين والمقيمين.
قال أبو عبدالله غفر الله له: نقدنا لا نوجهه بشكل شخصي لأحد، بل لشخصيات اعتبارية، تتولى مناصب وتحظى بامتيازات من أجل أن تقوم بواجباتها على أكمل وجه، دون تعثر أو انقطاع، والله من وراء القصد!