انتزع إنتر ميلانو العريق لقباً طال انتظاره بعد رحلة شاقة ومضنية لأنصاره, ومملة لخصومه ومملة أكثر لعشاق الكرة الجميلة والعروض الإبداعية الأخاذة, وأخيراً جاء الوقت الذي حمل المبدع خافيير زانيتي كأس البطولة متوجاً مسيرته الرائعة مع الفريق إذ بقي اللقب الذي لم يحققه هذا الأسطورة مع الفريق الأزرق فيكمل بذلك ثلاثية ولا أروع كان بها الفريق في قمة حضوره البدني والذهني.
المثل الشعبي المحلي هنا يقول (من حصل على شئ يستاهله) وهو ما ينطبق على الفريق الإيطالي، فهو يستحق ما حازه من لقب أثير إلى نفس مالكه و مموله وراعي شؤونه من الألف إلى الياء الملياردير ماسيمو موراتي, بيد أن هناك أموراً تحليلية فنية تستحق أن تطرح عقب أهم لقب قاري في القارة العجوز يتحقق بعد أكثر من أربعة عقود من الزمن ظل فيها هذا الفريق بين مقصلة الفوضى المفتعلة وكماشة المافيا التي كانت تحتضن يوفنتوس سنوات طويلة وتصادر أي لحظة تمنح الآخرين الفرح أو الحصول على مكتسبات مشروعة مقترنة بالجهد والعرق والمال, لكن بعد أن تضاءل دور المافيا في الكرة الإيطالية والمجتمع عموماً بدأت تظهر المساواة والعدل في النتائج وتوزيع الألقاب والفيصل أصبح الميدان ولا شئ غيره.
لقد عانت عائلة موراتي كثيراً من ظلم واستبداد وطغيان وطول يد المافيا وهيمنتها على مقدرات المجتمع والكرة على وجه التحديد, والمعاناة من حالة الاقصاء التي راح ضحيتها الإنتر دون ذنب سوى أنه فريق غير مرغوب في تواجده بساحة البطولات والانتصارات, هكذا كان قدره, وهذا كان ذنب أنصاره وعشاقه ومريديه داخل إيطاليا وخارجها.
من حيث النظر الفنية, وهذا لا يقلل إطلاقاً من أحقية الفريق بلقبه الأهم, فإن المأخذ الذي أخذه المتابعون على حملة الفريق هو ذلك الأسلوب الأدائي المملل للمتابع الذي لا يمكنه أن يطيق الاستمرار في مشاهدة مباراة (مخنوقة) من بدايتها إلى نهايتها عدا كرات معدودة كأنها ساقطة من سقف الملعب تفاجئ الجمهور قبل أن تفاجئ المتابع خلف شاشات التلفزيون, وعلى وجه التحديد في دوري (ربع ونصف النهائي) الذي لم يقنع أداء الإنتر فيهما المتابع المحايد الذي يرغب بمشاهدة سجال كروي بديع يحمل مقومات التكافؤ في معطياته, وفي الاستحواذ على الكرة, وفي تقديم عروض مهارية فردية وجماعية يتعايش معها المتفرج بمدرجات الملعب والمتابع الفضائي في آن.
هذا الأسلوب الأدائي المملل أسماه بعض المحللين الأوروبيين بمثابة (التفاحة الفاسدة) في حديقة الإنتر الغناء والمبهجة دوماً بالعروض والاستعراضات منذ أيام مياتزا, ومروراً بالألماني لوثر ماتايوس, والإيطالي روبرتو باجيو, وصولاً إلى السويدي إبراهيموفتش والأرجنتيني النموذج خافيير زانيتي.
هذه القائمة وعداها كثير من المبدعين الذين مثلوا الفريق في عصوره المختلفة, جميعهم قدموا الفرجة والإبهار والإقناع والندية والتكافؤ على أرض الميدان, ولم يقبلوا (هم) أو مدربوهم أن يظهروا أمام المتابعين بحالة ضعف أدائي ومهاري أمام المنافسين كما حصل في بطولة هذا العام, ولعل كلمات نجم كبير مثل روبن لخصت حالة الإنتر هذه, عندما ذكر أن المدير الفني جوزيه مورينهو لا يهمه الجمال الأدائي ولا الكيفية المثلى لكرة القدم وإنما هو ميكافيللي المنهج بأن يحصل على الفوز بأي طريقة وبأي أسلوب, ويضع ثقله في النواحي النفسية والمعنوية بعيداً عن خلق الجمل التكتيكية والتكنيكية البديعة.
عموماً برافو لأنصار الإنتر في الوطن العربي هذه البطولة, وهارد لك للبطل البافاري الذي خذلته مدرعتاه الثقيلتان الباليتان ديميكيلس وفان بويتن.