• الأرض.. كوكبنا الذي يقدّر العلماء أن الحياة وجدت عليه قبل أربعة بلايين عام ونصف البليون، ويتوقعون أيضاً أنه ما زال للحياة عليه فرصة البقاء بما يقارب البليون ومئتي ألف سنة، قبل أن تدمر الشمسُ غلافنا الحيوي عبر ضوئها الحار. الأرض التي تدور مثل فراشةٍ صغيرة حول كتلة اللهب المخيفة هذه – الشمس – دورة كل ثلاثمئة وخمسة وستين يوماً شمسياً، وكل مياه البحار والمحيطات التي تتجاوز الواحد والسبعين بالمائة من الأرض، لن تكون أكثر من قطرة صغيرة تتبخّر في لمح البصر بمجرد وقوعها في جوف تنّورٍ ضخم!.
• في هذه المليارات من السنين الفائتة عاشت على هذه الأرض ملايين الفصائل من المخلوقات الحية، بعضها استمر، وبعضها انقرض، وأكثر المخلوقات تأثيراً في الأرض كان هو من أحدثها وجوداً عليها، واستخداماً وتسخيراً وتحكماً فيما أمكنه منها، حيث يقدر العلماء وجود الإنسان الحديث على الأرض بمئتي ألف سنة فقط، وقد تكاثر، خلال هذا الزمن البسيط بالنسبة لعمر الحياة على الأرض، حتى بلغ ما يتجاوز الستة مليارات وسبعمئة مليون إنسان، حسب الإحصائية الأخيرة لعام 2009، تدير حياتهم مئتا دولة. وهذا العدد من بني الإنسان شهد تاريخاً طويلاً جداً من الأديان، والحضارات التي بقيت والأخرى التي طمسها طوفانٌ أو زلزال قَلَب وجه الأرض على قفاه.. وشهد الإنسان حروباً طويلة، لم يتوقف الإنسان عن قتل أخيه منذ وجد. في آخر حربين عالميتين، وقبل أقل من مئة عام منذ يومنا هذا، مات فيها عشرات الملايين من البشر. هذا الإنسان الذي جعل الجبال بيوتاً، وكتب على ألواح الشجر والصخور، وترك عظامه في الأخاديد وقيعان المحيطات، وأطلق عذاباته في الرسوم التي ملأ بها المقابر القديمة والكهوف والتماثيل!.
• هذا المقطع يستحق المشاهدة:
http://www.youtube.com/watch?v=E9-k7wtS3bg&feature=channel
• يقول شاعر مشى يوماً على هذه الأرض: "لم يخطر ببالي وأنا أقطع الأرياف والمدن.. أني سأعلق بالأغاني المطمورة في البيوت المهدّمة، وخلف الأشجار المتروكة للأحزان والوحدة، وخلف حيطان المواعيد السريعة، ولم أدرِ أني في كل منعطف وجبلٍ وساحل.. سأحمل معي فجائع الأحناك، وما خمّنت وأنا أعبر الصباح والظهيرات، وأواخر الليالي، والغضب، والسهاد، أنْ سينبت في كل عظمٍ مني صوت وكلام.. أنْ سيكون على ظهري وشم أغنية، بين أصابعي فتات أغنية، في عينيّ لمعة أغنية.. أنْ سأكون مخبأً للمرجومين والذكريات، والساهرات قرب الشبابيك، أنْ سأصير الصوت الذي تنام عليه القبور، وتعدو إليه كل ليلةٍ الزوايا والضفائر والوعول!".