لم يكن الاجتماع الصحي لدول منظمة التعاون الإسلامي أمس بجدة، مجرد اجتماع عابر، بل اجتماع تحذيري كما وصفه وفد إحدى الدول الأفريقية، فالأرقام الصادرة من الأمانة العامة للمنظمة كشفت أن نسبة وفيات الأمهات في دول المنظمة السبع والخمسين تبلغ 50% من عدد وفيات الأمهات عالمياً، في حين يمثل عدد سكانها 20% من عدد سكان المعمورة.
الأمين العام للمنظمة البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو استمر في سرد وطرح الأرقام لتفاصيل الحالة الصحية لدول منظمته، كاشفاً أيضاً أن "أعلى نسبة وفيات بين المواليد على مستوى العالم تتركز في دول أعضاء التعاون الإسلامي"، وهو ما عبر عنه في كلمته بأنه "تمثيل غير متكافئ" حيث تعاني من هذه الأزمة الصحية 21 دولة على مستوى العالم، 14 منها إسلامية، (أي ما يعادل 67% عالمياً). ولتقليص معدل وفيات الأمهات أثناء الوضع ووفيات الأطفال الرضع خلال الأسابيع الأربعة الأولى بعد الولادة، تنفذ المنظمة مشروعين مع الولايات المتحدة الأميركية، في كل من بنجلاديش ومالي.
ويهدف الاجتماع الذي يختتم أعماله اليوم إلى إعداد برنامج العمل الإستراتيجي للسنوات العشر المقبلة للمنظمة في مجال الصحة (2012-2022)، بناء على خلفية المؤتمر الثالث لوزراء الصحة الذي عقد في كازاخستان في 2011. وعلى هامش المؤتمر كان حاضراً بقوة "العبء المرضي الإسلامي" على طاولة وفود الاجتماع الخامس للجنة التوجيهية المعنية بالصحة، حيث تصدر السرطان قائمة الأمراض التي تفتك بدول المنظمة الأقل دخلاً قومياً في قارتها الأفريقية. وكشفت "التعاون الإسلامي" عما وصفته أنه "خطة احتواء" لمساعدة الدولة الأفريقية الأعضاء لاحتواء المرض. مكافحة مرض السرطان في "التعاون الإسلامي" نتج عنها مشاريع دولية بين المنظمة وذراعها المالي الإنمائي "البنك الإسلامي للتنمية"، والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتنفيذ "مشاريع إقامة مراكز للعلاج الإشعاعي للسرطان في الدول المعنية"، حيث تشير المعلومات الأولية إلى إعداد تنظيم ورشة عمل إقليمية رفيعة المستوى ستنعقد في أبريل المقبل بجدة تجمع الأطراف المعنية، بالإضافة إلى ممثلين عن وكالة الطاقة الذرية، لبحث كيفية تقديم "العون اللازم" لإشكالية مكافحة واحتواء المرض.
وعلى الرغم من ابتعاد الاجتماع الذي يستمر لليوم عن سرد إحصاءات محددة حول انتشار المرض، إلا أن مؤتمر المنظمة الأفريقية للبحوث والتدريب في مجال السرطان كشف في نوفمبر الماضي عن تسجيل نصف مليون حالة وفاة سنويا في أفريقيا، وأنه بحلول عام 2030 سيكون هناك ما يقدر بنحو 1.3 مليون حالة جديدة من السرطان في أفريقيا، مع ارتفاع نسبة الوفيات إلى نسبة الإصابة، وأن هناك في المتوسط جهازا واحدا للعلاج الإشعاعي لكل 5 ملايين شخص في أفريقيا (في بعض البلدان يصل هذا الرقم إلى جهاز لكل 60 مليون شخص)، في مقابل خمسة أجهزة لكل مليون شخص في أوروبا، أي أن الفرق خمسة وعشرون ضعفا.
ويعد "شلل الأطفال" أيضاً من الأمراض التي لا تزال تنتشر في ثلاث دول من أعضاء المنظمة، وهو ما تحاول المنظمة وضع حد له نهاية العام الجاري 2012. الأمر الذي دفع أوغلو إلى القول: "إنهم سيبحثون المسألة مع قيادات الدول أعضاء المنظمة التي تشهد حالات مصابة بالمرض، من أجل ضمان التزام سياسي مستدام رفيع المستوى بتنظيم حملات تطعيم فعالة".
أوغلو قال أيضاً إن المنظمة تسعى إلى توفير المساهمات المالية الإضافية للمبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال لسد الفجوة التمويلية التي تعاني منها المبادرة في سنة (2011-2012)، لضمان نجاح جميع حملات التطعيم ضد الفيرس لتطعيم أكثر من 140 مليون طفل من الدول الأعضاء التي توجد بها حالات الإصابة بالمرض.
وفقاً للمنظمة فإن إحصاءات الأمم المتحدة تفيد أن بلدان منظمة التعاون الإسلامي تتحمل عبئاً ثقيلاً فيما يخض أمراض "الملاريا، والسل، وفيروس الإيدز"، ففي سنة 2009، من بين الدول الأعضاء مثلت 51 دولة من تلك الدول التي قدّم الصندوق العالمي دعماً لأنشطة وطنية فيها، 31 % من حالات الإصابة بمرض السل في العالم، و 51 % من حالات الإصابة بالملاريا عالمياً، و 18 % من حالات الإصابة بالإيدز على مستوى العالم.