قليلون من تعرفهم من خلال أعمالهم. تشعر أنك قابلته مرات عديدة ولكن فقط من خلال أعماله، فيصل بن عبدالله، وزير التربية والتعليم. وأنا هنا أتحدث عن الأفكار لا عن الأشخاص، الأفكار التي تطوّر الواقع وترتقي بالإنسان، مهموم بقضية واحدة "التطوير"، ولكنها قضية معقدة ولها أدواتها ومناهجها ورجالها. قدره وقد يكون حظه أنه قاد "أهم" مجموعة تطوير في المملكة وهي مجموعة الأغر التي قررت أن تساير طموحات الملك عبد الله وتحمل هاجسه بأن قدمت مشاريع المستقبل.

عرفته عن قرب عندما شرفني سمو الأمير خالد الفيصل بالعمل في سوق عكاظ. رافقته قبل فترة في رحلة، كان يتحدث لي بشكل مباشر عن بعض عناصر مشروعه الإصلاحي للتعليم. قرأت في عينيه قصة التطور والتقدم والمنهج العلمي الذي يرتكز على القوة في التعامل مع الحقيقة.

خططه وأفكاره تدل على مستوى طموحه. مقتنع بأن الإصلاح الحقيقي يبدأ أولاً بالاعتراف بالحاجة للإصلاح والانتقال من مستوى الذهن إلى مستوى الواقع، لديه القناعة بأن المرحلة القادمة تتطلب إدارة بالرؤية والرسالة لا بالنظام.

مقتنع بأن التعليم اليوم من أكثر الموضوعات أهمية وأولوية في الإصلاح، وأن له علاقة مباشرة بالتنمية، وأن نهضة الأمم مرتبطة ارتباطا جذريا بقوة ونوعية تعليمها. يعمل للمرحلة القادمة التي تتطلب مناهج دراسية تخلق جيلاً يتعامل ويقرأ الواقع.

التعليم كان العامل الحاسم والأساسي لدولة مثل فنلندا التي تحولت من بلد اقتصاده زراعي إلى بلد ذي اقتصاد معرفي متقدم. الأمم المتعلمة هي التي تقود الحضارة، فالهاجس الوطني على التعليم لدى دولة مثل سنغافورة جعلها تطبع شعارا خاصا بالتعليم على عملتها الورقية. يقول نهرو "لأن الهند أمة فقيرة يجب أن ننفق على التعليم بسخاء".

العالم العربي يعيش اليوم مرحلة صعبة ومعقدة وهو جزء من المنظومة الاقتصادية العالمية، امتدت تأثيرات الأزمة من إفلاس الأفراد والشركات إلى إفلاس الدول، اليونان دخلت مرحلة الإفلاس، إسبانيا والبرتغال وأيرلندا على حافة الهاوية. لابد من سفينة نجاة لحاضرنا ومستقبلنا.

الطوفان البشري الكبير الموجود في المملكة يجب أن يقابله استثمار حقيقي، ولن يتم ذلك إلا من خلال التعليم. لابد من تطويره لنواجه النظام العالمي الجديد ونواجه كذلك الهيمنة الفكرية والاقتصادية. يجب أن نعترف بأن العالم الآن يعيش على الاقتصاد المعتمد على المعرفة.

دعم القطاع الخاص وتطويره مع عوامل أخرى سيكون الضامن لتطوير التعليم وخفض التكلفة. تطوير وإدارة العقول من أعقد المهام الوطنية. يقول أحد الكتّاب سأتجاوز تعريف الآخرين للنجاح وأركز على "المبادئ" و"الصفات" الشخصية التي تضمن نجاح العمل ذاته، فهناك مبادئ وصفات راقية (كالإصرار والتفاني والابتكار) تضمن بطبيعتها نجاح أي عمل .