اندلع الاحتجاج الذي شل المطار الرئيس في اليمن عندما ألقى ضابط بسلاح الجو بحذائه في وجه قائده وهو قريب للرئيس علي عبد الله صالح ويعد رمزا للفساد. يقول فارس الجبار وهو يخرج قليلا من أوراق النقد من محفظته الرثة "هذا كل ما تبقى لي خلال الشهر". وأضاف فارس الذي كان واحدا من 50 ضابطا أغلقوا مدرج مطار صنعاء الأسبوع الماضي "اكسب في الشهر ما ينفقه رؤسائي في يوم". واستخدمت الشرطة مدافع المياه لتفريق الطيارين المحتجين لكنهم فروا ليعتصموا أمام منزل نائب صالح والقائم بأعمال رئيس البلاد. ولم يفعل رحيل صالح إلى الولايات المتحدة للعلاج شيئا يذكر لتهدئة الغضب الشعبي في البلاد.

ولا يزال أبناء صالح وأبناء أخيه يتقلدون المناصب القيادية في الجيش والمخابرات رغم أن من المفترض إعادة هيكلة الجيش خلال الفترة الانتقالية ويرأس البلاد فيها نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي. وعطلت سلسلة من حركات الاحتجاج العمل في الإدارات العسكرية والحكومية التي يرأسها الموالون لصالح الذي وافق على التنحي بعد عام من الاحتجاجات وتلهم هذه الحركات بعصيان مدني أوسع. ويشكو كثير من المحتجين من أن النظام الذي سعوا للإطاحة به لا يزال قائما إلى حد بعيد. وقال الموظف أحمد الزمير (45 عاما) "ربما غيروا القيادة لكننا لم نر أي تغيير على الأرض. المسؤولون الفاسدون أنفسهم الذين حكموا لعشرات السنين لا يزالون يديرون البلاد".

فمن محطات البنزين إلى الصحف الحكومية يثور العمال ضد رؤسائهم حيث اقتحموا مكاتبهم للمطالبة بالإصلاحات وبفصل المديرين الذين يزعم العمال أنهم فاسدون مستفيدون من النظام. واستهدف المحتجون ما لا يقل عن 19 مؤسسة حكومية خلال ما يوصف "بالثورة الموازية" ومن بينها مقر شرطة صنعاء وإدارة التوجيه المعنوي التابعة للقوات المسلحة ومكاتب الزراعة والري وحرس الحدود وشرطة المرور والتلفزيون الحكومي. وقال المحلل السياسي اليمني عبدالغني الارياني "إنها طريقة أكثر فعالية في تحقيق التغيير وهي تعكس مظالم الموظفين الذين يخضعون لسيطرة مسؤولين فاسدين منذ فترة طويلة جدا".

ومن النجاحات التي أحرزها المضربون منذ منتصف ديسمبر إقالة صهر الرئيس عبدالخالق القاضي مدير شركة الخطوط الجوية اليمنية بعدما عطل العمال عمليات التشغيل. وأعقب هذا إقالة الجنرال علي حسن الشاطر بعدما سيطر المحتجون على صحيفة 26 سبتمبر التابعة للجيش ونشروا مقالا افتتاحيا يدينه. والرجلان من أقدم حلفاء صالح وكان يعتبرهما العاملون من المحظور المساس بهما. وربما تعطي هذه الموجة الحديثة من العصيان فرصة لهادي لتأكيد نفسه كشخصية سياسية مستقلة بذاتها.