تعتبر تجربة شتيوي الغيثي جميلة ولافتة، وهي تعبّر عن تجارب الشباب الآخرين في مسارات التعلّم والتحوّل والتجدد. الغيثي هذا الحائلي الذي صقلتْه جبال أجا وسلمى بالتفكير والتدقيق فيما يتلقى من أفكار، يمثّل تجربة جيل من الشباب الباحثين عن مسارات أخرى، لا ترفض الأصل، بل تؤكد عليه، لكنها ترفض التسليم بذات آليات التعاطي معه بالضرورة. يبحثون عن أطرٍ للتنمية غير التي درج الناس على طرحها واستهلاكها.
تخرج من كلية المعلمين، وانخرط في سلك التعليم، وعلاوةً على تألّقه في الكتابة في (الوطن) هو شاعر مميز، نشر في هذه الجريدة بعض قصائده الأنيقة. كتب في الفلسفة والفكر الديني والإسلام والغرب والحداثة السعودية، كما أن له دراسات ممتازة في المواطَنة ومفهومها، وحلّل كثيراً ظاهرة الإرهاب من ناحية فكرية.
اتسم طرح الغيثي بالتركيز على مجموعة من الأفكار، فهو يرى أن الأصولية عاجزة عن حل مشكلاتها التقليدية. وأن المجتمعات التقليدية تصوّر الحب على أنه وهم. ويعتبر كل فكرة حقيقية لابد أن نجد لها أصلاً فلسفياً. ويجزم بأن حداثة الثمانينات فشلت في السعودية، ويرى في القبائلية تصنيفا عنصريا ينتمي إلى ما قبل المدنية.
قلتُ وهو من القلائل الذين راجعوا مواقفهم الدينية السابقة، فهو لا يستنكف من الاعتراف بأنه كان يمكن أن يجنّد لارتكاب عملٍ ما، لولا أنه تدارك تلك المرحلة بالمطالعة والوعي. يقول "كان المد الصحوي يشمل كل مجالات الحياة، لاسيما التعليمي منها، وانخرطت كما انخرط غيري في الفكر الصحوي، في بدايات التساؤل الفكري حول الواقع، إلا أنني، ولله الحمد، تداركت نفسي قبل أن أفعل بناسي وأهلي ووطني ما يسوء".
بقي الغيثي في أفكاره ومقالاته ينزع نحو التحليل الاجتماعي كثيراً، لهذا تجاوبت مقالاته مع أحداث وظروف مرّت على المجتمع، كانت فرصةً لتحليلاته المثيرة. وربما كان تحليله لشهر "النكت" السعودي الشهير مثالاً على نهجه في التناول.