أطلق مجموعة من العاطلين والعاطلات من حملة الماجستير والدكتوراه، من بينهم عائدون من الابتعاث، صفحة إلكترونية عبر موقع "الفيس بوك" من أجل البحث عن وظائف، بعد أن وجدوا أنفسهم في عداد العاطلين عن العمل رغم شهاداتهم العليا وتخصصاتهم النادرة.
وبدأ ناشطون في رصد عدد العاطلين من حملة الماجستير والدكتوراة عبر استبيانات إلكترونية، حيث تم رصد أكثر من 150 خريجا، لجؤوا إلى موقع "حافز" بحثا عن الإعانة بعد أن تعذر الحصول على وظائف.
وقالت مشاعل جميل الحاصلة على الماجستير، إن التجمع الإلكتروني يضم حاملي الدراسات العليا من خريجي الجامعات السعودية والمبتعثين العاطلين عن العمل.
وأضافت: قمنا بعمل استبانة خاصة بتجمعنا كانت نتيجتها عدة مئات من الجنسين من التخصصات العلمية والنظرية من الجامعات السعودية وخريجي الابتعاث، ونحن لسنا موظفين حكوميين نسعى للتطوير بل عاطلين عن العمل.
وذكرت أن عدد المتعاقدين غير السعوديين في الجامعات السعودية حسب إحصاءات وزارة الخدمة المدنية يبلغ 10 آلاف و546، وأن نسبة السعودة في أعضاء هيئة التدريس حسب إحصائية وزارة التعليم العالي 54.4% .
المفاضلة بالبكالوريوس
كما أشارت إلى أن وزارة الخدمة المدنية لم تخصص لحملة الدراسات العليا مفاضلة معلنا فيها الاحتياج والتخصصات عند التسجيل في نظام "جدارة", فاضطررنا إلى دخول مفاضلة البكالوريوس حيث ألغي احتساب مؤهلاتنا (الماجستير والدكتوراه) في المفاضلة، وأجبرنا على دخول المفاضلة بدرجة البكالوريوس فقط. وأضافت أن وزارة العمل هي المسؤولة عن إصدار تأشيرات استقدام الأجانب للجامعات, ومازالت تصدر آلاف التأشيرات رغم قائمة العاطلين منا، متحججة بندرة التخصص، فماذا عن استقدام أجانب من نفس تخصصاتنا؟.
واستطردت "قضيتنا تتمثل في أن الجامعات السعودية تتبع سياسات خاطئة في التعيين من خلال استقدام مئات الأجانب في تخصصات يمكن شغلها بسعوديين للرتب العلمية، وتضع شروطا تعجيزية وعراقيل غير معلنة أمام المواطنين المؤهلين، ولا تضعها أمام من تستقدمه من غير السعوديين، وترفض تقديم إثباتات ومبررات الرفض للسعوديين المتقدمين لشغل الوظائف الشاغرة أو المشغولة بمتعاقدين.
أسباب تفضيل الأجانب
وعن أسباب تفضيل التعاقد مع أجانب بدل السعوديين، قالت: تبلغ نسبة السعودة في بدل الندرة الذي يمنح للسعوديين في أي قسم أقل من 50% حيث يتراوح بين 25 و40% من أصل الراتب، إضافة إلى الخدمات التي يقدمها الأجنبي، وتدل على ذلك البحوث المشتركة بين أعضاء هيئة التدريس السعوديين والمتعاقدين غير السعوديين.
وأشارت إلى ما اعتبرته عشوائية وزارة الخدمة المدنية في التوظيف، فمثلا ماجستير قضاء يتم تعيينه إداريا في وزارة الزراعة، ودكتوراه في الإعلام يتم تعيينه في وزارة المالية دون مراعاة لمقر الوظيفة أو تخصص ومؤهل المرشح ونوع الوظيفة، ودون أي ترشيح لوظيفة أكاديمية واحدة, رغم الهاجس البحثي الملح على هذه الفئة من المجتمع، التي قضت جل عمرها في الدراسة والبحث العلمي, حيث إن من حق حملة الماجستير والدكتوراه العمل الأكاديمي في الجامعات.
عقبات في طريق التعيين
وقال الخريج "شريف"، الحاصل على درجة الماجستير في تقنية المختبرات "تخصص هندسة الأنسجة والخلايا" والذي أجرى بحثا عن خلايا السرطان الجلدية: تقدمت لعدد من الجامعات للحصول على وظيفة، وكانت الإجابة دائما "اترك أوراقك ونكلمك بعدين"، مشيرا إلى أنه في مفاضلة الخدمة المدنية كان اسمه الوحيد على قائمة الانتظار ولكن لم يتم تعيينه.
وقال خالد الثقفي، حاصل على درجة الماجستير في تخصص الفقه المقارن وطالب دكتوراة بصدد المناقشة، إن الوظائف الأكاديمية في الجامعات السعودية محجوزة مسبقا، مشيرا إلى أن تخصص الفقه المقارن تخصص دقيق وجميع من يدرّسونه في الجامعات السعودية متعاقدون. وقال الثقفي إنه أخيرا لم يجد سوى التسجيل في "حافز"، مشيرا إلى أن بعض أعضاء هيئة التدريس يقفون حجر عثرة أمام قبول السعوديين في تخصصاتهم النادرة حتى يحصلوا على بدل الندرة.
أما سحر الشراري فذكرت أنها حصلت على الماجستير من أستراليا تخصص كيمياء تحليلية، وتقدمت لعدد من الجامعات وبعض الشركات الخاصة، ولم يتم الرد على طلبها. وبينت أن جميع من يقمن بتدريس تخصصها في جامعة الجوف متعاقدات منذ أن كانت في مرحلة البكالوريوس. وأشارت إلى أنها تفكر حاليا في البحث عن وظيفة في دول خليجية حيث تقدمت لشركة في الإمارات، وأجرت مقابلة شخصية وتنتظر النتائج.
أما الخريج سعود البلوي من تبوك، فذكر أنه وصل لمرحلة اليأس، حيث حصل على درجة الماجستير من أميركا ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين، وجاء حاملا شهادته، متوقعا أن تفتح الجامعات السعودية أبوابها في وجهه، فتقدم لـ 15 جامعة من شمال المملكة لجنوبها، ومن شرقها لغربها، لكن المفاجأة أنه اكتشف أن هناك عاملا أهم من المؤهل لا يمتلكه وهو "الواسطة". وذكر أنه تقدم لجامعة تبوك وكل من في أقسامها من أعضاء هيئة التدريس متعاقدون عدا رؤساء الأقسام.
حق التوظيف الأكاديمي
من جهته، علق عضو مجلس الشورى السابق الدكتور محمد آل زلفة على القضية قائلا: من حق هؤلاء الحاصلين على درجات علمية عالية وتنطبق عليهم شروط التمكن الأكاديمي من الحصول على الوظائف، بل ويجب أن يعطوا الفرص، وإن عوملوا معاملة غير جيدة من الجامعات أو من أية جهات أخرى لا توظفهم، فهذه مشكلة كبيرة، ويجب أن نقف جميعا إلى جانبهم.
وقال آل زلفة: لدينا الآن أكثر من 120 ألف مبتعث، بدأت طلائعهم تعود إلى أرض الوطن، فإن كانوا يتعرضون لمشاكل عدم التوظيف أو عدم توفر الفرص والكهول جاثمون في مواقعهم لا يتزحزحون عنها لا في الجامعات ولا في المراكز القيادية فهذه معضلة.
ومضى قائلا "أعرف أن جامعاتنا متردية لأن الذين يقومون بعملية التدريس معظمهم من المتعاقدين الذين تم التعاقد معهم مرة أخرى، وبعضهم لم يقدم خلال العشرين سنة الماضية بحثا واحدا، فلماذا يتم الاحتفاظ بهم، والتعاقد مع إخوة عرب من جامعات عربية كلها متردية؟.
واختتم حديثه بقوله "أعرف أن 99 % من أعضاء هيئة التدريس في بعض الأقسام بجامعة الملك سعود معاقدون، ومتعاقد مع بعضهم ولكن يتم النظر إلى هذه المسألة من منظور مادي بغض النظر عما يقدمون، وبعضهم غير مشهود له بأنه أكاديمي جيد، ووجوده وبال على الحركة الأكاديمية في جامعاتنا.
شروط التوظيف
من جهته، قال المتحدث الرسمي لوزارة الخدمة المدنية عبد العزيز الـخنين إن الوظائف التعليمية فقط هي التي يعتمد لها مؤهل البكالوريوس، لأن شرط التوظيف لها يتضمن الحصول على درجة البكالوريوس. أما الوظائف الإدارية فيؤخذ بالاعتبار مؤهل المتقدم، ويعطى الدرجة الوظيفية التي تناسب مؤهله، فالمرتبة السادسة تمنح لحملة درجة البكالوريوس، والثامنة لحملة الماجستير، والتاسعة لحملة الدكتورة.
وأشار الخنين في تصريح لـ"الوطن" إلى أن الخدمة المدنية ترشح المتقدمين بعد تطبيق بياناتهم وفقا للوظائف المتوفرة في الجهات الحكومية. وعن الترشيح للوظائف الأكاديمية في الجامعات السعودية، ذكر الخنين أن التوظيف فيها من صلاحيات مجالس الجامعات وأن دور وزارة الخدمة المدنية يقتصر على تقديم البيانات للجامعات لاختيار ما يناسبها من تخصصات.
وعن توظيف المبتعثين، أشار إلى أن الدولة ابتعثت الطلاب لخدمة الوطن سواء في القطاع الحكومي أو الخاص وليس شرطا أن يكون لكل مبتعث وظيفة حكومية، فالقطاع الخاص بحاجة إلى المبتعثين، وهناك تخصصات لا يحتاجها القطاع الحكومي. وأكد أن الهدف من الابتعاث هو تأهيل أبناء الوطن لخدمته في أي مجال.