لأننا لا نستطيع الوقوف في وجه صيرورة الزمن وإلزامات التحديث ونتائجه، علينا أن نفكر في حلول جديدة مبتكرة ترضي الممانعين وتضمن لهم أن باب سد الذرائع محكم الإغلاق في وجه المرأة السعودية! وللقضاء أيضا على فتنة القول بقيادة المرأة للسيارة ، وجدلية مع أو ضد المكرورة والتي سئمنا طرحها في صحفنا وإعلامنا،علينا أن نطالب اليوم وعاجلا غير آجل بقيادتها للطائرة والقطار!
ولتطمئن قلوب الممانعين فإن للقطار والطائرة مجالات سير "منعزلة" ، وفيهما متسع لتعزيز الخصوصية العصماء خلافا لقيادة السيارة ! وذلك بتخصيص قطار للنساء وآخر للرجال، وطائرات للرجال وأخرى للنساء، ومطارات ومحطات للرجال وأخرى للنساء ، وبذلك نضمن القضاء على كافة أنواع الاختلاط "العارض" منه و"المجالسة" ! وعلى الأسر المسافرة إلى بلاد الله الواسعة أن تنقسم فالأولاد الذكور مع الأب والإناث مع الأم ، ثم يلتقون جميعا بعد الوصول ليفكوا عنهم أقنعة الخصوصية ويمارسوا كل ممنوع داخل البلاد- كما اعتاد السعوديون دوما- فوجه في الداخل ووجه مناقض له في الخارج ! أما إذا كان السفر داخليا فستلتقي الأسرة في منطقة محايدة بين المطارين أو المحطتين، ويا دار ما دخلك شر، فالخصوصية لم يمسها سوء داخل حدود البلاد! وعلى الطائرات القادمة من بلاد العالمين -حيث تسير الأمور كما أرادها الله - تحديد موقفها ، فهل هي طائرات رجالية نستقبلها في مطار الرجال ، أم طائرات نسائية نفتح لها مطارات النساء ؟!
 وبذلك نساهم في تقليص بطالة النساء التي وصلت إلى نسبة كارثية - 28.4%- أعلنها نائب وزير العمل - بمرارة- مصرحا بتعرض الوزارة لانتقادات واتهامات وتهديدات لمنع تنفيذ القرار 120 الخاص بالسماح للمرأة بالعمل في الأسواق حسب صحيفة "المدينة" ! أما خريجات الجامعة العاطلات اللاتي وصلت نسبتهن لـ78% - مرشحة للزيادة كل عام - سيجدن في قطاع مواصلات الفصل والعزل ميدانا جديدا يخرجن به من قطاعي التعليم والصحة ، حيث تتناهش 310 آلاف من الخريجات فرصة 8540 وظيفة فقط !! وفي المطارات والمحطات "المفصولة" ستجد فتياتنا أيضا ميادين جديدة للعمل حيث لا عين رجولية تلمح خيال الجوهرة "المكنونة" حتى لو كانت مغطاة من رأسها حتى أخمص قدميها !!
 الحل العجائبي الآنف والمستحيل التنفيذ سيرضي بلا شك الممانعين الحريصين على حراسة الفضيلة ، ولكنه بالتأكيد لن يمنع التجاوزات الأخلاقية بل قد يؤجج جذوتها وسيتحايل عليه مريدو الرذيلة، فالفضيلة لا تفرض ولكن تزرع ويشتد عودها بتعزيز المسؤولية الفردية ، ويكرس لها بالتأكيد على تكريم الله لابن آدم بحرية الاختيار بين تزكية النفس أو تدسيتها !
 ختاما نسمع أصواتا تنطلق من أبراج عاجية لم تذق مرارة الفقر والجوع تؤكد أن قلة من النساء تحتاج العمل ، ولا أدري حقيقة أين تعيش هذه الأصوات التي تؤكد أن بطالة النساء مختلقة ؟! والعجيب قولها إن الأصل هو قرار المرأة في البيت، بينما تتربع هي على عروش الوظائف وتسبق أسماءها حروف الدال "المبجلة" ، فهل حصلن على الدكتوراة والوظائف وهن قارات في بيوتهن ؟!