يربط بين نفق خميس مشيط ومدينة عسير الطبية أن المشروعين حققا أرقاما فلكية في بطء التنفيذ، ولكن الفارق بينهما أن النفق دخل عامه الثامن ولم ينجز، بينما المدينة الطبية دخلت عامها السادس ولم يبدأ العمل فيها.
ورغم مرارة بطء العمل في نفق خميس مشيط إلا أن العمل به على مرأى من المواطنين، لكن المدينة الطبية تاهت على مدى 6 سنوات بين صحة عسير وأروقة الوزارة، وما بين محالة أبها شمالاً وطريق الملك عبدالله جنوباً، لا أثر لها سوى لوحة نصبت على قارعة الطريق، في حين أن تأخر البدء في المشروع لـ 6 سنوات واستغراق تنفيذه قد يقارب تلك المدة، ما يعني أن ذلك سيحتم على أهالي عسير الانتظار 12 سنة لتنفيذه وقرابة 10 سنوات للنفق، ومثلها لمشاريع قادمة.
تأخير غير مبرر
ويرى المواطن هادي بن سعيد القحطاني، أن الأهالي قد يقبلون تأخير مشروع لمدة سنة أو سنتنين كحد أقصى في ظل ظروف قاسية وخارجة عن إرادة الجهة الحكومية، لكن أن يتم إعلان وضع حجر الأساس لمدينة عسير الطبية في عام 1427 وتمضي 6 سنوات، ولايوجد أي أثر للمشروع فذلك ينم عن ضعف التخطيط وعدم الاكتراث بصحة المواطن، مضيفاً أنه يجب على المسؤولين في وزارة الصحة ومديرية الشؤون الصحية بالمنطقة أن يوضحوا للمجتمع ما الذي يحدث؟ وأين مشروع المدينة؟ لاسيما أنه معتمد منذ 6 سنوات، معتبراً أن صمتهم دليل على وجود خلل كبير.
طفرة سكانية
وأشار المواطن صالح آل عبود إلى أن مديرية الشؤون الصحية لم تضع في اعتبارها الطفرة السكانية التي شهدتها المنطقة إذ بلغ عدد سكانها قرابة مليوني نسمة، ومع ذلك يتصارعون على مستشفى تحويلي وحيد هو مستشفى عسير المركزي الذي لم يعد قادراً على استيعاب المرضى والمراجعين، نظراً للازدحام والضغط الشديد الذي يعانيه.
وأضاف آل عبود أن تأخير مشروع المدينة الطبية لـ 6 سنوات في ظل الحاجة الماسة إلى خدمات صحية راقية تواكب كثرة أعداد السكان، يجسد عدم اهتمام المسؤولين في وزارة الصحة ومديريتها في عسير بأهم متطلبات المواطن "الصحة"، لافتاً إلى أن المزيد من التأخير يفاقم المشكلة يوماً بعد يوم، مستغرباً من إقامة الشؤون الصحية في منطقة عسير وتحديداً في عام 1427 لاحتفال بمناسبة وضع حجر الأساس للمدينة الطبية وعقد مؤتمر صحفي بهذا الخصوص.
وتساءل: هل هو استغفال للأهالي والبسطاء من مواطني المنطقة الذين يتطلعون على مدى سنوات مضت إلى خدمات صحية راقية تواكب النهضة التي تعيشها بلادنا، أم هو من باب ذر الرماد في العيون وإسكات الأفواه لفترة معينة ؟
متاعب السفر
أما المواطن علي بن مريع، فأكد أنه كان يتعين على وزارة الصحة وصحة عسير عدم إعلان إنشاء المدينة الصحية في عام 1427 إذا كانت لا تملك من المشروع سوى اسمه، ووجوده على الورق، معتبراً أن إعلانها للمشروع ونشر ذلك في وسائل الإعلام ومرفق به الرسم الكروكي، ثم غيابه على مدى سنوات وقد يستغرق الأمر مثلها مستقبلاً، ينم عن خلل يجب كشفه وإيضاحه للرأي العام.
ويتساءل: ألا تعلم وزارة الصحة ومديريتها في عسير أن غالبية المرضى من أهالي المنطقة يقطعون رحلات برية وجوية، لطلب العلاج في الرياض مما يتسبب بزيادة معاناة حقيقية إلى المرضى، مستغرباً الصمت المطبق الذي تلتزمه الإدارة حيال مشروعاتها المتأخرة.
اعتماد التصاميم
وكان وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة وقع الأربعاء 19 محرم الجاري، عقوداً لتطوير الخدمات الصحية وتنفيذ عدد من المدن الطبية في مناطق المملكة، بعد دعم ميزانية وزارة الصحة بمبلغ 16 مليار ريال.
وأوضح الربيعة، أن العقود تشمل إجراء الدراسات والتصاميم الهندسية والإشراف والإدارة لمدن الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة، والملك خالد الطبية بالمنطقة الشرقية، والملك فهد الطبية لخدمة المنطقة الوسطى، والملك عبدالله الطبية لخدمة المنطقة الغربية، والملك فيصل الطبية لخدمة المناطق الجنوبية، والأمير محمد بن عبدالعزيز لخدمة المناطق الشمالية، لافتاً إلى أن العقود تمثل باكورة البداية لتنفيذ باقي مشاريع المدن الطبية.
مرحلة أولى
من جهته، أكد المدير العام التنفيذي لمدينة الملك فيصل الطبية لخدمة المناطق الجنوبية الدكتور أحمد بن محمد النعمي لـ "الوطن"، أنه جرى اعتماد مبلغ تجاوز 4.2 مليارات ريال للمدينة وبسعة 1350 سريراً، وتشتمل على مستشفى تخصصي، ومركز للعيون، ومركز للقلب، ومركز للعلوم العصبية، ومركز للأورام، وغيرها من التخصصات النادرة مثل مركز التأهيل.
وأشار إلى أن المدينة ستخدم مناطق المملكة الجنوبية الأربع وهي: عسير وجازان ونجران والباحة، لافتاً إلى أنه جرى تحديد موقع المدينة على مساحة 1.5 مليون متر مربع على طريق الملك عبدالله شرق أبها "27 كلم".