أكدت الفنانة والباحثة زينب أبوحسين أن أعمال فناني الجيل الأول في الوطن العربي نقلت صورة للفن الراقي المدهش للعالم، مستشهدة بلوحات محمود سعيد التي تباع في المزادات العالمية بأغلى الأسعار، وفوز بعضهم في معارض كبرى مثل محمود مختار، إضافة إلى التماثيل التي أصبحت مثالا عظيما كتماثيل جواد سليم وعبدالغني حكمت.
وقالت، خلال تقديمها محاضرة فنية تشكيلية عن نشأة الفنون التشكيلية في العالم العربي، الاثنين الماضي، في جمعية الثقافة والفنون بالدمام: إن اختيارها لعنوان المحاضرة جاء لاهتمامها بالتاريخ المبكر للفن بالدول العربية، إضافة إلى ازدهار وسبق الحركات الثقافية والاجتماعية فيها، مما انعكس على إنتاجها الثقافي والفني والأدبي وكل هذا مرتبط ببعضه، متمنية عمل مسح وبحث تاريخي وفني في منطقة الخليج واستقصاء البدايات الفنية والأعمال والشخصيات.
وأضافت أبوحسين أنها لا تظن أن الفنون التشكيلية العربية تأخرت، أكثر من تأخر ظهور اللوحة المسندية، مشيرة إلى أن الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية ساهمت في تأخر ظهور الأعمال الفنية بالصيغة المعاصرة، هذا فضلا عن غياب التأريخ الفني للأعمال الفنية والحرفية قبل القرن العشرين ولذلك يصعب تكوين صورة جيدة، وقد ظهرت اللوحة المسندية والمعارض الفنية التي تعتبر ترفا للشريحة العظمى، مع المستعمر الأجنبي، ثم توالى التقاطها وبناء هوية كانت في الطريق الصحيح من قبل الفنانين الواعين المجتهدين والمثقفين كما ذكرت في المحاضرة بالأمثلة من كل بقاع العالم العربي.
واستعرضت الفنانة أبوحسين تتبع حركة الفن والفنانين على مساحة الخريطة العربية من المشرق إلى المغرب، متطرقة إلى تأثر الحركات الفنية الوليدة هذه بالحركات الفنية العالمية، ومفيدة أنه في 1930 قدم أول معرض فني زراعي صناعي في العراق، وأنشئت جمعية أصدقاء الفن في 1940، ليكون أول معرض لهذه الجمعية في 1941.
وأكدت أن الفنان العراقي عبدالقادر الرسام رسم على جدران أول دار سينما في بغداد، ويعتبر من مؤسسي جمعية أصدقاء الفن، وشارك في أول معرض لجماعة أصدقاء الفن، إضافة إلى أكرم شكري وهو أول مبعوث عراقي لدراسة الرسم في لندن، وفائق حسن مع جواد سليم الذين أسسا فرع الرسم في معهد الفنون الجميلة.
واستعرضت أيضا بداية الفن في مصر، ومنه في1891 افتتح الخديوي أول معرض فني، وفي1908 أنشأ الأمير يوسف كمـال مدرسة الفنون الجميلة في القاهرة، وفي 1931 أنشأ أول متحـف في مصر، والذي كان عبارة عن غرفة واحدة، ومحمود مختار كأول فنان عربي يقيم معرضاً شخصياً لتماثيله في باريس، ويساهم في إنشاء مدرسة الفنون الجميلة العليا، وفاز أيضا مختار بجائزة من معرض صالون باريس عن تمثاله "أم كلثوم"، وافتتح تكريما له متحفا يحمل اسمه في 1952، والفنان محمود سعيد وهو أول فنان تشكيلي مصري يحصل على جائزة الدولة للفنون، وتعتبر لوحته "الشادوف 1935" و"الدراويش 1929" أغلى لوحتين لرسام من الشرق الأوسط.
أما الجزائري محمد راسم فقد رسم أول منمنمة في 1917، وجعل للمنمنمات هوية جزائرية، ويرى أن الفن وسيلة للمقاومة، وأن المنمنمات سلاح في وجه اللوحات الاستشراقية، أما مصطفى دباغ فهو أول مدرس جزائري في مدرسة الفنون الجميلة، وأسس جمعية شمال إفريقيا للفنون.
وأشارت أبوحسين إلى أن فناني الجيل الأول حافظوا على الأصالة والمعاصرة، وابتعدوا عن التبعية والتقليد، ونلاحظ الحركات الثقافية والتغيرات الاجتماعية والسياسية كانت تمشي مع التطورات الأدبية والفنية، إضافة إلى امتلاكهم الثقافية الفنية المستقلة وحرصهم على مشاريعهم الخاصة.