على طريقة الآلة الزمنية فضل القائمون على المنطقة التاريخية إعادة الناس إلى ماضيهم فما هي إلا خطوات وينتقل زوار جدة من مظاهر الحضارة إلى عبق التاريخ، حيث يفاجؤون بألعاب ومهن كانت تمارس منذ قرون وعقود خلت ماثلة أمامهم، أبرزها لعبة الكبت الشعبية القديمة وشخصية المنادي الذي كان يلعب دور الإعلام الحديث بمختلف أنواعه.
ووفقا لرئيس بلدية البلد التاريخية المهندس سامي نوار توجد آثار بالمنطقة التاريخية وحرف ومسميات وألعاب شعبية لا يعلم عنها الكثير من أهالي جدة أنفسهم، مشيرا إلى تنظيم فعاليات خلال فترة إجازة منتصف العام الحالي لتمكين زائري المنطقة من التعرف على غالبية المعالم الموجودة في المنطقة.
وأضاف أن من الآثار والحرف والألعاب التي جدولتها زيارة عين الماء المعروفة بعين "فرج يسر" التي يعود تاريخها بحسب نوار إلى حوالي 500 عام مضت، حيث تعود تسميتها إلى التاجر "فرج يسر" أحد تجار جدة والذي رممها، مشيرا إلى أن اسمها الحقيقي "عين وادي قوس" نسبة إلى وادي قوس الحالي بجدة.
وألمح إلى أن الوادي الحالي الذي تعارف أهالي جدة على تسميته بوادي "قوس" غير صحيح وأنه في الأصل وادي "قوص" وهو ما حاول القائمون على الفعاليات توضيحه للزوار وما يرى فيه نوار تثقيفا وتعريفا مصاحبا للترفيه والمتعة بغض النظر- حسب نوار - عن أن العين قد نضبت منذ زمن بعيد، وأنه يتم تعبئتها بالماء ليقوم ما يعرف بـــ "السقا" بالتعريف بنفسه وبمهنته و إطلاع الزوار على كيفية استخراج الماء بالطرق التقليدية القديمة.
وأشار إلى استخدام الآباء والأجداد عربات تجرها البغال والحمير لنقل ماء العين تشبه في شكلها صهاريج نقل المياه المحلاة حاليا، مفيدا بوجود إحداها يطلع عليها الزوار كنوع من الحفاظ على التراث والتعرف عليه.
كما يجد الزائرون أناسا يضاهون البنائين القدامى، يمارسون مهنتهم ببناء بعض الأسوار الصغيرة القصيرة في حارة المظلوم من اللبن والتبن والحجر المنقبي ليطلع الزوار على كيفية عمليات البناء التي تشكل مجمل مباني المنطقة التاريخية.
وحول لعبة "الكبت" وهي لعبة يمارسها الكبار من كبار السن والشباب تقوم على التحدي و تتمثل في تكوين فريقين يفصل بينهما حد يتم تحديده على الأرض وفي حال تم دخول فرد من المجموعة لهذا الحد وتمكنه من العودة لمجموعته ومقاومته لأعضاء الفريق الآخر في المجموعة المقابلة فانه يسجل رقم للفوز يحسب له ولصالح فريقه أو مجموعته.
"المنادي" ما عرفه نوار برجل الإعلام قبل مجيء الصحافة والتلفزيون حيث إن اختصاص هذا الرجل يكمن في إبلاغ مرتادي السوق وأهل المنطقة عن أي حدث جديد يمس مصالحهم ومعيشتهم وذلك بإطلاقه صوت عالي من مكان مرتفع في السوق تنخفض بعده كل الأصوات ويعم الهدوء السوق والمكان لمعرفة الجديد القادم.
وضرب نوار مثالا لذلك بقدوم باخرة "خديوية" أو "هندية" أو "عثمانية" تحمل حجاجا أو بضائع يقوم على إثرها الناس بالتوجه للميناء، وعادة ما تتجلى في استقبال الحجاج، حيث كان لكل جنسية منهم أسرة متخصصة في استقبال حجاجها فهناك أسرة متخصصة في استقبال حجاج "الجاوة" ومثلها للحجاج "الأفارقة" والحجاج "المصريين" في ذلك الحين.