لا مشكلة أن يكون لكل إنسان ميول أو رغبات.. أو حتى آراء.. التباين في هذه المسائل مناخ صحي.. المشكلة حينما يستغل الإنسان سلطته أو قوته لفرض آرائه على الآخرين.
النذير السيئ حينما يستغل الإنسان قوته لفرض قناعاته على غيره.. المشكلة حينما يستخدم الإنسان ما يمتلك من وسائل لفرض لونه/ مزاجه/ ذوقه على الناس!
كيف عندما يكون الخصم، أو الطرف المقابل، أو الهدف المستهدف هم من صغار السن؟!
عرضت قناة (العربية) تقريرا عن مدرسة ابتدائية في جدة احتفلت بفوز نادي الاتحاد ببطولة كأس خادم الحرمين للأبطال.. وليت الاحتفال من تنظيم الطلبة في حصة التربية البدنية لكان الأمر أدعى للتقليل.. لكن ـ وآه من لكن ـ الاحتفال نظمته المدرسة نفسها.. وتم تعطيل الجدول المدرسي لمدة حصتين كاملتين.. إضافة لتخصيص الإذاعة المدرسية للحديث عن الفوز.. ورفع شعارات الفريق على جدران المدرسة ، ورفعها أيضاً ـ أين تتوقعون؟! ـ على جدران المصلى في المدرسة!
وليت الأمر توقف هنا: المدرسة مدت سفرة طويلة تحوي ما لذ وطاب من المأكولات، يتربع وسطها اثنان من المعلمين!
الحفلة مستمرة : تم أيضا منع طلاب المدرسة الذين لا يشجعون فريق الاتحاد من حضور الحفل!
لم يتبق سوى الاستعانة برابطة مشجعي الاتحاد لإحياء الحفل و:" ياكلك حبة حبة.. ياكلك أكل البرشومي"!
الخلاصة: الحفل صار وانتهى، وأصبح خبرا تتناقله المواقع والقنوات.. لكن كم سنستغرق من الزمن لردم هوة التعصب التي حفرتها هذه المدرسة في وجدان التلاميذ الذين كنا نأمل أن نزرع فيهم قبول الاختلاف والتعددية في مسائل أخرى؟ كيف يمكن لنا بعد اليوم إقناع هؤلاء الصغار بخطورة التعصب الرياضي بالذات؟
بقي سؤال: هل ستكون هذه هي الغلطة الأخيرة؟ ـ لا أظن ذلك رغم أنني لست متشائما.