ما هو الحصان الأبيض الذي وضع أستاذاً جامعياً اسمه (وليد ألطف) كي يكون عميداً للقبول في جامعة كبرى (أم القرى) ثم يتحفنا من فوق الطاولة الرسمية في اجتماع رسمي معلن لمجلس جامعته بقصر مقاعد القبول للطلاب على المتقدمين من ذات المدينة فقط؟ هي قصة التمييز مثلما هي قمة قصر النظرة، لأن (صاحبكم) يظن أن الجامعة شبه الأقدم على خارطة تعليمنا العالي حكر على المسافة ما بين شارع المنصور إلى العوالي. انفتاح الجامعة وفتحها على الطيف الوطني الواسع، أو العكس والنقيض يشبه التطرف والمغالاة في زواج الأقارب. لا تنتج الجينات والهندسة الوراثية الضيقة إلا خديجاً أو طفلاً كسيحاً، والقصة هنا لا أقرؤها من مجرد مقترح تمييزي بقبول طلاب جامعة، وإن كان الأمر في بالغ الخطورة. تخيلوا لو أن مسؤول الضمان الاجتماعي يرفض ملفات الفقراء إن لم يكونوا من مواليد المدينة أو أن مسؤول الخدمة المدنية يستبعد أوراق المرشحين إلى الوظيفة إذا ما كانوا من خارج نطاق ألفته ولهجته ومخارج حروفه.
لا توجد أفضال على أجيال وطنية كاملة مثلما كان لجامعة الملك سعود، تلك التي حق لها مع الزمن الطويل أن ترفع العلم الوطني وهي تستقبل طيف الوطن طلاباً من كل حدب وصوب وتمنحهم الفرصة أساتذة من طرفي خريطة الوطن: من محسن الحازمي، ابن جازان إلى فلاح الرويلي من قرب منفذ الحديثة. هذا هو الأنموذج الذي أهديه إلى السيد الكريم، ابن مكة وليد ألطف. ولو كنت صاحب قرار لأرسلته، إما منتدباً إلى هناك ليتعلم خريطة الوطن الكبرى، أو أرسله إلى بيته كي يعلم غيره مصائر النظرة التمييزية الضيقة. أريد لوليد ألطف أن يشاهد في جامعة الملك سعود (خريطة) وكلاء الجامعة وعمدائها وأساتذة كراسي البحث فيها وسدنة قراراتها الإدارية المختلفة كي يتعلم لماذا نجحت بعض الجامعات قبل أن يتقدم مرة أخرى بمقترح مضحك إلى مجلس الجامعة. والخلاصة أن شيئاً لم يقتل الإحساس الوطني في نفوس أولاد الوطن الواحد بمثل ما قتله داء (الكانتون) والجيتو المغلق. الوظيفة رقم وطني معلن. المنصب كذلك. الفرصة المفتوحة لابن الوطن يجب أن تكون أبعد من مسافة العيون. مقعد الجامعة كذلك. الماء الآسن لا ينبت سوى الأعشاب السطحية الخضراء والنهر المفتوح تسبح فيه حرية الأسماك. البحيرة المغلقة لا تعيش فيها سوى الضفادع، ونحن أخي وليد ألطف لا نأكل الضفادع.