أعود مرة أخرى وربما للمرة العاشرة إلى موضوع المجالس البلدية وانتخاباتها وما يدور من جدل حول مشاركة المرأة فيها ناخبة أو منتخبة، وسأكرر ما قلته حول هذه النقطة من أن مشاركة المرأة هذه حسمتها مشاركتها في انتخابات مجالس الغرف التجارية منذ سنوات ولا أظن الأمر يحتاج نقاشا وإنما وضع الضوابط والآليات التنظيمية للتنفيذ، وسبب عودتي اليوم للموضوع ليس مشاركة المرأة من عدمها وإنما لتذكير أعضاء مجلس الشورى الكرام الذين يطالبون بمشاركة المرأة بضرورة التوقف عند المجالس البلدية ذاتها وطرح أسئلة جوهرية حول جدواها في ظل كونها معنية فقط بقطاع واحد في كل مدينة ومحافظة هو قطاع البلدية وبصلاحيات محدودة جدا، بينما المجالس المحلية الموجودة في كل محافظة ذات مسؤولية أشمل وأعم ونصف أعضائها من المواطنين المعينين، ولو تم توجيه الانتخابات إلى هذا النصف لكانت العملية أكثر جدوى من انتخابات المجالس البلدية.
لقد كتبت في هذا الموضوع عند قيام المجالس البلدية منذ نحو خمس سنوات عدة مقالات وكررت ذلك منذ أسبوعين تقريبا، ولعل غيري كتب في الموضوع، وقد أوضحت أن انتخابات المجلس البلدي بمفهومه المحدود في واقعنا تقتضي قيام انتخابات للمجلس الصحي ومثلها للتعليمي وأخرى للاجتماعي بمعنى أننا نحتاج مجلسا منتخبا تابعا لكل إدارة من الإدارات الحكومية الأعضاء في المجلس المحلي والذي تعد البلدية برئيسها ومجلسها البلدي عضوا واحدا في هذا المجلس.
لقد أخذتنا فيما يبدو ظلال اسم – المجلس البلدي – وإغراءاته لدى بلدان أخرى ونسينا أو لم نبحث في معناه عندهم وعندنا، بينما لو بحثنا لوجدنا أن المجلس البلدي عندهم هو ذاته المجلس المحلي عندنا وهو مجلس موجود منذ قيام نظام المناطق، ويضم في عضويته كل الإدارات الحكومية في كل محافظة مع عدد مماثل من المواطنين يجري تعيينهم كل أربع سنوات ويرأسه المحافظ، وهو صورة مماثلة لمجلس المنطقة الذي يرأسه الأمير.
إنني أعيد ما قلته وكررته سابقا مؤملا أن يلتفت مجلس الشورى إلى هذه النقطة الجوهرية، فلو أجرى المجلس مقارنة بسيطة بين المجلس البلدي – وقد جربناه – وبين المجلس المحلي لوجد أن الأخير هو المجلس البلدي الحقيقي، أي المعني بكل ما في البلد من خدمات صحية وتعليمية واجتماعية وأمنية و...وبلدية. أما مجالسنا البلدية كما هو معروف فهي محصورة في خدمات إدارة واحدة وفعاليتها محدودة أو معدومة بحكم التجربة.
ليس المطلوب إلغاء التجربة وإنما توسيعها ووضعها في إطارها التنموي الحقيقي وليس الشكلي كما هو قائم، ولا مانع إذا كانت دلالات وظلال الاسم مغرية أن يتغير اسم المجلس المحلي إلى البلدي، مع أنني أميل إلى بقاء الاسم كما هو وليكن لنا تجربتنا السعودية الخاصة، فالمهم المضمون وليس الشكل أو الاسم.