أعلنت المملكة أمس، سحب مراقبيها من بعثة المراقبين العرب في سورية، في خطوة جاءت ردا على عدم التزام نظام بشار الأسد بخطة الحل العربي للأزمة السورية، بعد أن قررت اللجنة الوزارية العربية تمديد أعمال البعثة لمدة شهر.

وبرر وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل خطوة سحب المراقبين التي أعلن عنها في الاجتماع الوزاري للجامعة العربية أمس، بكون المملكة لا تقبل بأي حال من الأحوال أن تكون شاهد زور فيما يجري هناك أو أن يتم استخدامها لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري أو للتغطية والتستر عليها.

وجاءت خطوة المملكة تلك في اختبار للضمير العربي، وفقا لما قاله الفيصل من "أن الوضع في سورية الشقيقة بالغ الخطورة ويتطلب منا جميعا تحمل مسؤوليتنا التاريخية أمام الله ونحن نرى الدم البريء يسفك يوميا مما يضعنا في موضع الاختبار لضمائرنا، وليس هناك أقسى من تأنيب الضمير".

وكان الاجتماع الوزاري العربي أمس شهد تطورا دراماتيكيا، تجلى في سحب المملكة لمراقبيها من بعثة الجامعة العربية، بسبب تمسك النظام السوري بعمليات القتل.

وطالب الفيصل "المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤوليته بما في ذلك الدول الإسلامية وروسيا والصين وأوروبا والولايات المتحدة، وأن يمارسوا كل ضغط ممكن في سبيل إقناع الحكومة السورية بالتنفيذ العاجل والشامل لخطة الحل العربية".

إلى ذلك، التقى الفيصل في القاهرة أمس رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون وبحث معه آخر تطورات الأوضاع في ضوء تقرير رئيس بعثة المراقبين العرب، واستمع إلى رؤية المجلس للآفاق المستقبلية للتعاون مع تطورات الأوضاع في سورية مع استمرار أعمال العنف.

 




قررت السعودية أمس سحب مراقبيها من بعثة المراقبة العربية لعدم التزام سورية بالخطة العربية، ودعت المجتمع الدولي لممارسة "كل ضغط ممكن" على حكومة دمشق لوقف العنف. وشدد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس على أن "الوضع لا يمكن أن يستمر، ونحن لن نقبل بأي حال من الأحوال أن نكون شهود زور أو أن يستخدمنا أحد لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري الشقيق أو للتغطية والتستر عليها". وناشد الفيصل في كلمته، الدول العربية إلى الالتزام بقرار مجلس الجامعة حول فرض العقوبات للضغط على الحكومة السورية للالتزام بتعهداتها .

كما دعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته بما في ذلك الدول الإسلامية وروسيا والصين والولايات المتحدة، وأن يمارسوا كل ضغط ممكن في سبيل إقناع الحكومة السورية بتنفيذ المبادرة العربية.

وفي السياق، التقى الأمير سعود الفيصل بمقر إقامته في القاهرة أمس وفداً من المجلس الوطني السوري المعارض برئاسة الدكتور برهان غليون. وجرى خلال الاستقبال بحث آخر تطورات الأوضاع في سورية في ضوء تقرير رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق محمد أحمد الدابي، الذي عرضه في وقت سابق على اللجنة الوزارية. واستمع وزير الخارجية من رئيس المجلس الوطني السوري إلى رؤية المجلس للآفاق المستقبلية للتعاون مع تطورات الأوضاع في سورية في ضوء استمرار أعمال العنف والقتل هناك.

من جهة أخرى، زار الأمير سعود الفيصل أمس مباني مكاتب السفارة السعودية والقنصلية وسكن الموظفين الجديد بمصر الذي أوشك على الانتهاء. واستمع خلال تفقده المباني إلى شرح تفصيلي من مدير المكتب التنفيذي للمشروع بسفارة خادم الحرمين الشريفين في القاهرة الوزير المفوض خالد قطان عن المراحل التي مر بها المبنى حتى الآن.

ويقام المشروع على مساحة 45 ألف متر، ويتكون المبنى الإداري للمشروع من 17 دورا فيما يتكون المبنى السكني من 12 دوراً.

وكانت اللجنة الوزارية قد قررت في ختام اجتماعه بالقاهرة أمس، تمديد مهمة بعثة المراقبين العرب لمدة شهر، بعد انتهاء تفويضها الخميس الماضي (19 يناير). وجاء القرار بناءً على توصية اللجنة الوزارية العربية المعنية بسورية.

وعقدت اللجنة الوزارية اجتماعها أمس برئاسة رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ومشاركة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس بعثة المراقبين الفريق أول محمد أحمد مصطفى الدابي لبحث تطورات الأوضاع على الساحة السورية ومصير بعثة الجامعة العربية. وعرض العربي خلال الاجتماع تقريراً عن حصيلة اتصالاته العربية والإقليمية والدولية فضلا عن لقائه مع المعارضة السورية بمختلف أطيافها.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر في الجامعة أن الوزراء يناقشون

مشروع قرار يقضي بأن يفوض الرئيس السوري بشار الأسد نائبه صلاحيات كاملة للتعاون مع حكومة وحدة وطنية تشكل خلال شهرين.

وعلى صعيد ردود الفعل، انتقد المجلس الوطني السوري العارض قرار المجلس الوزاري، مشيرا إلى أن المراقبين يفتقرون للموارد والنفوذ للحكم بشكل دقيق على التزام الأسد بخطة السلام العربية.

وطالب بإحالة الملف إلى مجلس الأمن لحماية الشعب السوري"، وذلك في تقرير مضاد لتقرير الدابي أصدره أمس في القاهرة. كما طالب روسيا والصين بـ "عدم عرقلة أي قرار دولي يدين النظام السوري وعدم الاستمرار في دعمه عسكريا وسياسيا". وطلب المجلس أيضا"إحالة الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية واعتبار ما يجري في سورية من جرائم قتل وترويع جرائم ضد الإنسانية وملاحقة كافة مرتكبيها وفقا للقانون الدولي". إضافة إلى "فرض عقوبات على كافة المسؤولين السوريين المتورطين في جرائم ضد الإنسانية وعلى رأسهم الرئيس السوري بشار الاسد".

واكد المجلس الوطني أنه يستعد لإيفاد بعثة لمجلس الأمن لمطالبته بالتدخل لحماية المدنيين في سورية. وقال المتحدث باسم المجلس محمد سرميني إن الوفد سيتوجه إلى نيويورك بعد عدة أيام "ليسلم مجلس الأمن خطابا يطلب نقل الملف السوري إليه لحماية المدنيين".

وفي السياق، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، أمس أن تركيا على استعداد للتعاون مع الأمم المتحدة إذا باشرت بعمل ما يرمي لوضع حد "لمأساة إنسانية" في سورية. وقال "نأمل أن توقف الحكومة السورية هذه الحرب الظالمة التي بدأتها ضد شعبها وأن تجد الوسيلة لصنع السلام مع شعبها". وأضاف "لكن إذا كانت هناك مأساة تحصل أمام أعيننا، وإذا بدأت الأمم المتحدة عملا ما، فإننا على استعداد للتعاون معها". وأشار إلى أن أنقرة ستدعم القرار الذي سيتخذ في اجتماع القاهرة، لكن "إذا لم تتوصل الجامعة العربية والمبادرات الإقليمية إلى حل، فإن المشكلة ستكتسي بعدا دوليا". وأعلن أيضا أنه سيزور روسيا غدا لبحث الأزمة السورية.

في غضون ذلك، رفضت إدارة فندق الفور سيزون بالقاهرة بناءً على تعليمات قطرية استضافة مؤتمر صحفي للمعارضة السورية، بالتزامن مع انعقاد اللجنة الوزارية العربية في الفندق تحسبا لتكرار ما حدث في الاجتماع الماضي من تواجد المعارضة السورية في مكان الاجتماع وانتقادها للوزراء أمام وسائل الإعلام. ويأتي موقف الفندق بناءً علي رغبة رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم الذي ترأس بلاده اللجنة الوزارية ومجلس الجامعة الذي اعتاد الإقامة فيه خلال زيارته لمصر.

كما تضمنت التعليمات القطرية منع التواجد الإعلامي بجوار اجتماعات اللجنة. وتقرر تأجيل اجتماع وزراء الخارجية الذي كان مفترضا في الرابعة عصرا بمقر الجامعة إلي السادسة مساءً، لحين انتهاء الوزراء من التشاور والاتفاق علي مسودة البيان الختامي.

وكانت حشود كبيرة من المتظاهرين السوريين أحاطت بمقر اجتماعات الجامعة أمس لمطالبتها برفع يدها عن الملف السوري. وحمل المتظاهرون لافتات تندد باستمرار مجازر نظام الرئيس الأسد.

 


نص كلمة الأمير سعود الفيصل





"السيد الرئيس أصحاب السمو والمعالي، معالي الأمين العام:

إن الوضع في سورية الشقيقة بالغ الخطورة. الوضع يتطلب منا جميعا تحمل مسؤوليتنا التاريخية أمام الله ونحن نرى الدم البريء يسفك يوميا مما يضعنا في موضع الاختبار لضمائرنا وليس هناك أقسى من تأنيب الضمير خاصة لمن يحرص على جديته ومصداقيته إزاء شعب عربي شقيق مازال يتعرض، للأسف، لأبشع صنوف التنكيل والعذاب وممن؟ من الذين يفترض بهم أن يكونوا أحرص الناس على سلامته وحقوقه وأمنه ومصالحه.

لقد وضع مجلسكم الموقر خطة واضحة المعالم لوقف نزيف الدم الذي يدمي قلوبنا جميعا وهي خطة تؤكد على الوقف الفوري والشامل لكافة أعمال العنف والإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة وإخلاء المدن والأحياء من جميع المظاهر المسلحة وفتح المجال أمام المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام للتنقل بحرية وهذه العناصر مجتمعة هدفها فتح المجال أمام حوار وطني لأن الحل لن يصنعه سوى السوريين أنفسهم والحل لن يكون إلا بالتجاوب مع تطلعات الشعب السوري عبر تحقيق انتقال سلمي للسلطة.

لقد أكدنا مرارا وتكرارا على أننا لا نكن لسورية الشقيقة إلا مشاعر المحبة والأخوة والحرص على مصالح كافة أبناء الشعب السوري دون تمييز أو تفريق وهدفنا وقف النزيف الدامي بما يحفظ لسوريا وحدتها وأمنها واستقرارها ويجنبها مخاطر الصراعات الأهلية المدمرة أو الانزلاق للفوضى والخراب وقد جاءت قرارات مجلسكم الموقر مصداقا للحديث النبوي الشريف بأن ننصر أخانا ظالما أو مظلوما فنردع الظالم عن ظلمه ونحمي المظلوم من بطش الظالم.

وحيث إن الحكومة السورية أبلغت جامعة الدول العربية موافقتها على خطة الحل العربي فإننا وافقنا على إرسال المراقبين العرب للتأكد من تنفيذ الالتزامات السورية بكل دقة ووضوح وشفافية وليس أكثر فهم لم يذهبوا كمفاوضين أو وسطاء بل ذهبوا كمراقبين لتنفيذ الالتزامات شريطة توفير السلطات السورية الحماية والحرية لهم بما يمكنهم من تأدية مهامهم.

لكن مع الأسف لم نجد على أرض الواقع التزاما بتطبيق أي من بنود الخطة العربية ولم تكتف السلطات السورية بعدم تنفيذ ما تعهدت بأن تنفذه بشكل عاجل وشامل بل بادرت إلى اتهام القادة العرب ودولهم بالتآمر وانتقصت من عروبتهم ولكن هل من شيم العرب أن يقتل الحاكم شعبه وهل مهمة الجيوش العربية أن تفتك بمواطنيها أم أن تحميهم وتحمي أعراضهم وممتلكاتهم وتحفظ أمنهم واستقرارهم.

إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر ونحن لن نقبل بأي حال من الأحوال أن نكون شهود زور أو أن يستخدمنا أحد لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري الشقيق أو للتغطية والتستر عليها ومن هذا المنطلق فإن بلادي ستسحب مراقبيها نظرا لعدم تنفيذ الحكومة السورية لأي من عناصر خطة الحل العربي التي تهدف أساسا لحقن الدماء السورية الغالية.

وإننا ندعو جميع الأشقاء العرب إلى الالتزام بكل جدية ومصداقية بما قرره مجلسكم الموقر حول فرض عقوبات تهدف للضغط على الحكومة السورية لتلتزم فعلا لا قولا بما تعهدت به وهي عقوبات الأصل فيها أنها مفعلة ومستمرة طالما لم نقرر مجتمعين إلغاءها ولا أعتقد أنه يمكن لأحد أن يفكر بإلغائها طالما لم يلتزم الحكم السوري بعناصر الحل العربي التي ذكرناها.

كما ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته بما في ذلك إخواننا في الدول الإسلامية وأصدقاؤنا في روسيا والصين وأوروبا والولايات المتحدة وفق خطة الحل العربي بكل عناصرها وأن يمارسوا كل ضغط ممكن في سبيل إقناع الحكومة السورية بضرورة التنفيذ العاجل والشامل لها".