معاناتنا نحن المواطنين مع الغرامات والمخالفات والفواتير التي تقص الظهور طويلة ومزمنة لن تنتهي إلا بقرار يخفف من حدتها ووطأتها الثقيلة على معاشات المواطنين المحدودة. قد تتحاشى الوقوع في المخالفة وتفلت من الغرامة إذا كنت على دراية مسبقة بها. لكن مارأيكم بمن يجد نفسه فجأة أمام غرامة يجب عليه تسديدها وهو لايدري ولايعلم أنها قد سجلت على ظهره؟
ناصر مواطن على "قد حاله" ذهب الى الجوازات ليستخرج تأشيرة لمكفولته.عندما جلس أمام الموظف وناوله الأوراق المطلوبة بادره الموظف بعد أن أدخل اسمه: يا أخ ناصر عليك مخالفة بألف ريال سددها ثم ارجع لأكمل إجراءاتك. نظر ناصر للموظف وعلامات الدهشة ترتسم على قسمات وجهه! ثم سأله قائلا ولكنني لا أمتلك سيارة فمن أين جاءت المخالفات؟ لم يمهله الموظف وباغته بإجابة صاعقة: لكن المخالفة يا "أخونا" لاترتبط بسيارة ولا دباب، أنت ارتكبت مخالفة واحدة من أربع تلزمك كل واحدة منها "وغصب عن عينك" بدفع غرامة مقدارها ألف ريال! أعاد عليه ناصر السؤال بصيغة أخرى والألم يعصره والقهر ينحره وشبح الألف يطارده: وما هذه الأربع، أتحفنا بها طال عمرك؟ رد المسؤول على ناصر بنزق وغلظة وقد فقد صبره: شكلك تستهزىء؟ عقب ناصر على كلامه: لا والله لكني فعلا ما أعرف ولم يخبرني أحد! ضحك الموظف بسخرية وابتسامة صفراء" لم يخبرك أحد! عموما ترى ما عندي وقت وفيه ناس تنتظر، المخالفة اللي عليك يالحبيب انك استخرجت تأشيرة لمكفولتك العام الماضي ولم تستخدمها ولم تقم بإلغائها، رح سدد وإلا بكيفك. اللي بعده لو سمحت." وطبعا ليس أمام ناصر إلا التسديد "علشان تمشي أموره".
حال ناصر ومن هم على شاكلته -وما أكثرهم- ينطبق عليهم المثل "وجعان وداسوا في بطنه" راتبه ثلاثة آلاف ريال، هل تكفي للإيجار والأكل والشرب واللبس والفواتير أم للغرامات المتوقعة في أية لحظة؟ طوفان الغرامات الذي سحب ما في الجيوب وأحال أرصدة الجائعين أصفارا والتهم معيشتهم وخطف اللقيمات من أفواه من يعولون، أوقفوه وإن كان يعز عليكم فخففوه قبل أن تتحول رواتب الناس الى صناديق الغرامات بدلا من إنفاقها على عائلاتهم.