هل توجد هوّة بين هيئة الأمر بالمعروف كجهاز حكومي خدمي ووسائل الإعلام المقروءة على وجه الخصوص؟ أم أن هذه الهوة ـ إن كانت موجودة ـ ليست وليدة اليوم وإنما هي ذات عمق تاريخي بعيد المدى.. هوة تفصل الهيئة عن بعض فئات المجتمع أو معظمه؟.. ثم هل تعتبر الهيئة ما ينشر في الصحف من أخبار وآراء وتعليقات ومقالات حول بعض الممارسات الفردية الخاطئة أو التي يراها الإعلام خاطئة ، بينما لا تراها الهيئة كذلك ، والتي تصدر من بعض منسوبي الهيئة – بوصفهم بشر يصيبون ويخطئون- أمرا يزيد عمق الهوّة ، وهي بذلك تحاول وقف الكم الهائل من المقالات والأخبار والتعليقات التي تنشر عن ممارسات يعدها الإعلاميون أو "بعضهم" تجاوزات غير مقبولة وخروجا عن النص المكتوب في أدلة الإجراءات المعتمدة للهيئة ؟ وتحاول ردم هذه الهوة الافتراضية من خلال لقاءاتها مع الإعلاميين ومن بين تلك اللقاءات مواجهة قيادات إعلامية في جلسة مكاشفة طويلة في جامعة الملك سعود بالرياض؟

إذا كانت الهيئة تعتبر ما يـُثار في الصحافة من نقد مباشر باعتبار الهيئة جهازا حكوميا لخدمة المجتمع ، هو ما يُحدث الهوّة ويزيدها اتساعا ، فإن هذا التصور يقودنا لاعتبار أن النقد المُوجّه من الصحافة للوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى ، فعل يزيد الهوة أيضا بين الإعلام وجميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص.. وبالتالي فعلى الصحف أن تـُغير نهجها ومساراتها وتركن إلى المهادنة، التي تقتضي السكوت عن الأخطاء والتوقف عن النقد وردم الهوة مع جميع المؤسسات الحكومية وإبراز إيجابياتها والسكوت عن سلبياتها وغض الطرف عن القصور في خدماتها المُقدمة للمواطن.. والأخطاء التي ترتكب في حقه!

الصحافة تبحث في عملها ليس عن الإثارة فحسب بل والنقد أيضا وملاحقة الخبر الذي باتت تتزاحم عليه مع تطور قنوات الاتصال ، ولن يرحمها القراء لو قصرت في إبراز الحقائق والتعليق عليها وسيعدونها صحافة محنطة لا تستحق المتابعة!




الهيئة باعتبارها جهازا حكوميا خدميا له مساس مباشر بالمجتمع ، ليس مطلوبا منها البحث في أمر الهوّة الافتراضية.. والركض خلف الإعلام وإنما السعي فقط لكسب كل الأطراف بالعمل على تطوير أدائها وفكر العاملين بها وتصحيح الأخطاء وتقديم ما يجعل الإعلام يحكم لها لا عليها.