أرجع الدكتور حسن النعمي الضجيج حول الأندية الأدبية وانتخاباتها إلى اللائحة واصفا إياها بأنها لم تكن محكمة في صياغة بنودها، خاصة ما يتعلق بشروط العضوية. وقال النعمي الذي كان مسؤولا إداريا في مجلس إدارة نادي جدة الأدبي السابق لـ " الوطن": التساهل في شروط العضوية أتاح دخول أعضاء ممن ليس لهم اهتمام ثقافي وفكري وأدبي يمكن أن يبرر وجودهم في هذه الجمعيات. كما أن اللائحة خلت من شروط الترشح وترك الأمر مفتوحاً لأي عضو أن يترشح. وكان يجب أن توضع شروط إضافية للعضو المترشح، بحيث يتنافس على عضوية المجالس من لهم دراية ومقدرة أدبية وفكرية وإدارية، غير أن المتتبع للمشهد يلحظ غضبة بعض المثقفين ممن كانت لهم فرصة الانضمام متاحة ولم يدخلوا المجالس ليشكلوا قوة داخل الأندية، فلماذا الإحجام؟ ولماذا الضجيج؟ ومع كل ذلك أشعر أن إنجاز مشروع الانتخابات، والانتخابات مشروع في طور الاكتمال، رغم كل ما حدث هو ظاهرة صحية وفي وقت مناسب ونحن نعيش عصر التحولات الكبرى في بنية المجتمعات العربية.

وعن مبررات صمته خلال الفترة الماضية قال النعمي: لأنني تحدثت كثيراً أثناء إعداد اللائحة، وافترضنا المشكلات وافترضنا حلولاً لها، ورفعت التوصيات، والنتيجة لائحة غير محكمة! من هنا يصبح الصمت موقفاً. وتعليقا على انتخابات نادي جدة قال النعمي: هي جزء من مشهد الانتخابات في بقية الأندية، وصلت للمجلس أسماء غير معروفة، لكن يمكن تأجيل الحكم على ما ستقدمه. وعموماً من وصل عليه مسؤولية كبيرة في الحفاظ على منجزات النادي، والبناء عليها وتوسيع دائرة حضور النادي في الأوساط الأدبية. وقد جرت أحاديث مع الدكتور عبد الله السلمي الرئيس الجديد، ومن الواضح تمسكه بمنجزات النادي والعمل على تقديم الجديد وفقاً لمتطلبات الثقافة في المملكة في المرحلة القادمة.

وعن قراءاته لتجربة الانتخابات وما صاحبها من لغط وأحداث ومواقف، قال النعمي: الانتخابات فرصة ثمينة للمجتمع ككل ومكتسب مهم، بصرف النظر عما صار من إشكالات. ظاهرة الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ظاهرة إيجابية. ولا يجب أن نتوقف عند أخطاء التجربة الأولى بشكل سلبي، بل نسعى إلى الاستفادة من هذه الأخطاء وتصحيح المسار. الانتخابات مكتسب يجب أن يبقى ويتطور.

وعاصر النعمي إدارتين في أدبي جدة، قال عنهما: أحمد الله أنني عملت مع أستاذين كريمين (عبد الفتاح أبو مدين، والدكتور عبد المحسن القحطاني)، أتاحا لي حرية العمل ومنحاني من الصلاحيات ما قد يفوق صلاحيات الكثير من نظرائي في الأندية الأخرى. وإذا كان هناك من فرق فإن أبو مدين يسأل عن النتيجة النهائية، بمعنى أنه لا يتدخل مطلقاً وينتظر النتيجة ليقول رأيه. ومن عمل معنا في جماعة حوار يدرك الحظوة التي شعرت بها الجماعة ومساحة الحرية التي تحركنا فيها. أما الدكتور عبد المحسن فيرافقك في العمل دون أن يعيقك، وعليه لا يعترض على نتيجة العمل، لأنه موجود في تفاصيلها. وبفضل الله أستطعت أن أتأقلم معهما، لأنني أقدرهما قبل أن أعمل معهما.

وعن عدم ترشحه للمجلس الجديد ذكر النعمي: بكل صدق، قدمت كل ما لدي خلال عشر سنوات من العمل الثقافي المتواصل ما بين جمعية الثقافة ونادي جدة الأدبي. ودون مزايدة على أحد، لم أكن ومازلت غير راض على هذه اللائحة بكل ما فيها من بنود تخص شروط العضوية أو بنودها الإدارية والمالية. وحقيقة اللائحة تحتاج إلى قراءة جادة. وإذ كان لي من كلمة للوزارة، فأرجو فتح مجال دراستها على صفحات الفيس بوك، ليطلع المسؤول على قطاع عريض من الآراء حول إعادة بناء اللائحة، لأن من مشكلات اللائحة أن من صنعها لجان منبثقة عن لجان. وهذه هي النتيجة. قياس الرأي العام الأدبي والثقافي مطلب، ووسائل التواصل أصبحت ممكنة دون إقامة ملتقيات ينفق عليها دون جدوى.

وعن تجربته الإبداعية، كونه عرف قاصا في البدء قال النعمي: لا أنكر أن مسؤوليات العمل في الجامعة والنادي والالتزامات العائلية شغلتني كثيراً، لكنني أنجزت وكتبت رواية بعنوان (العين السحرية)، لم تنشر إلى الآن. أما القصة القصيرة فقد أصدرت مجموعة بعد مرحلة الدكتوراه بعنوان (حدث كثيب قال)، وبعدها استغرقني النقد فنشرت كتاب (رجع البصر: قراءات في الرواية السعودية)، وكتاب (الرواية السعودية واقعها وتحولاتها)، وفي الوقت الحالي أعد لطباعة كتابين، أحدهما في التراث السردي والآخر في السرد العربي الحديث. وأسس الدكتور حسن النعمي جماعة حوار، وكانت بداياتها لافتة، لكن أصابها فتور في السنتين الأخيرتين، وعن تلك التجربة ومستقبلها يقول: المسمى جماعة، وهي لا تقوم بفرد مطلقاً، كان دوري منظماً لأعمال الجماعة. وللمعلومية أسس الجماعة معي الدكتور سحمي الهاجري، وعبده خال، وعلي الشدوي، وهذا حقهم التاريخي يجب أن يحفظ. وما كان لهذه الجماعة أن تظهر فاعليتها لولا احتضان النادي لها وتشجيع أبو مدين والتفاف المثقفين حولها. مرت الجماعة بمرحلتين، المرحلة الأولى كانت هي النشاط الأبرز في النادي من 2003 – 2006 في عهد أبو مدين، والمرحلة الثانية في فترة الدكتور عبد المحسن من 2007 – 2011م. والفرق بين المرحلتين، أن أبو مدين اعتبرها أهم نشاط، والدكتور عبد المحسن اعتبرها أحد الأنشطة. ولك أن تراجع أعمال الجماعة وحضورها من خلال هذا التصور. أما مستقبلها، فقد تم تأسيس صفحة للجماعة على الفيس بوك، تطرح قضية شهرية للنقاش، وتقبل عضويات جديدة. أما مسألة استمرارها في النادي فأنا لا أملك القرار وحدي، فالآخرون من الزملاء والزميلات هم من يقرر استمرار الجماعة من عدمه وبأي طريقة يراد لها أن تستمر. ودعني أذكر لك شيئاً، في صبحية انتخابات نادي جدة وما أسفرت عنه، أرسل لي أحد الأعضاء المهمين يقترح بدء أعمال الجماعة خارج النادي. هذا الأمر لا أملكه، ومن يقرر مستقبل الجماعة هم الأعضاء وحدهم. ويرى النعمي أن مستقبل أدبي جدة هو مستقبل الثقافة في المملكة، مضيفا: أعتقد أننا نمر بتحولات كبيرة، وعلى المجتمع الثقافي التناغم مع هذه التحولات. وسائل التواصل اختلفت، فلم يعد عدم حضور الجمهور للأمسيات والمحاضرات، الذي كان مقلقاً للأندية، إشكالية الآن، فيمكن الاعتماد على الوسائط الحديثة وبث المحاضرات مباشرة على الإنترنت وتلقي الأسئلة والحوار حولها، مثل برامج التعليم عن بعد الآن في الجامعات السعودية. صحيح أن ذلك يؤثر على التواصل الإنساني لكن هذه هي أقدارنا ولابد أن نتعايش معها.