بدأت قصتي في يوم عادي كأي يوم آخر. كانت الشمس تسطع كما هي دوماً في سماء المملكة. كانت الحياة اليومية من حولي تسير كالمعتاد. وبدا كل شيء طبيعياً. لم أكن أتوقع حينها أن يحدث ما لم يكن في الحسبان. كنت قد حددت موعداً روتينياً عصر ذلك اليوم لإجراء فحص عام. وقد اعتادت طبيبتي أن تطلب مني كل مرة تخصيص مزيد من الوقت لممارسة التمارين الرياضية والاهتمام أكثر بنظامي الغذائي. ولم أتصور أن يكون هناك أي جديد في ذلك اليوم. لكن وبعد بعض الفحوصات التي أجرتها ظهر عليها القلق لا الفرح. سألتني بعض الأسئلة ثم أخبرتني أنها تعتقد بأني أصبت بالسكري. وقالت إنها ستتأكد بإجراء مزيد من الفحوصات في اليوم التالي. ما إن أنهت الطبيبة كلمة "السكري" حتى تخيلت حياتي التي عرفت تتلاشى، وبنيان عائلتي يتداعى فلن أكون قادرة على رؤية أولادي وهم يكبرون وينجحون في خدمة مجتمعهم وصنع مستقبلهم.
بعد ليلة طويلة محمومة. عدت إلى عيادة الطبيبة في اليوم التالي لتؤكد لي أنني مصابة بالسكري. نصحتني الطبيبة بزيارة طبيبة مختصة بالسكري، وقالت لي إنني إن استطعت إدخال بعض التغييرات البسيطة على حياتي فسوف أتمكن من أن أعيش حياة طبيعية نسبياً كغيري ممن لا يعانون من السكري.
قررت ابنتي الكبرى أن تأخذ زمام المبادرة وتتعامل بواقعية مع حالتي (فيما بقيت أنا في حالة إنكار وحسرة). كانت ابنتي الكبرى تحرص على استخدام كلمة "نحن" بدل من كلمة "أنتِ". وكانت تقول لي دائماً بأنني أحتاج إلى دعم أسرتي وأننا سنتجاوز هذه المحنة معاً.
اعتقدتُ في البداية أن التخطيط اليومي وتغيير نمط حياتي اليومية سيكون الأصعب. شعرت باليأس ، لكن ابنتي شرحت لي أن الأمر ليس كما تصورته. فاقترحت أن أقلل من تناول الحلويات وأن أراقب كمية ونوعية ما أتناوله من طعام. كما اقترحت أن أشتري جهازين لقياس الجلوكوز؛ وشكلت التمارين الرياضية هاجساً لي في البداية. لكنني كلما تذرعت بعذر أو تهربت، كانت ابنتي الكبرى تقترح حلاً عملياً وهي تتطلع إليّ بعين التفاؤل والبشرى، وتحثني على النظر إلى الأمور بشكل مختلف، وتشجعني على عدم خذلان أسرتي. اقترحت أن نمارس رياضة المشي معاً. وهو ما جعلني أقول في نفسي أني قادرة على تنفيذ التمارين البسيطة والاعتياد عليها. قبل ثلاثة أعوام وأسبوعين، اعتقدت أن حياتي ستنتهي مع السكري. أما اليوم فأستطيع القول إن إدخال بعض التغييرات الصغيرة على نمط حياتي، ساعدني على الاستمرار. أنا اليوم أرى علاج حالتي كرحلة متواصلة تلقيت خلالها الدعم المتواصل من أسرتي ومحيطي.
