عندما أطل على شوارع بلادنا نظام ساهر المروري كان الهدف والقصد منه بالدرجة الأولى محاولة تقليل الحوادث المرورية، والمحافظة على الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة، وبث روح النظام والانضباط بين قائدي ومالكي المركبات والسيارات. وقد اعتبر القائمون والمشرفون على ذلك النظام الشوارع والطرقات محكا حقيقيا لنصب كاميراتهم التي أصبحت تراقب كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة تخص أنظمة المرور في بلادنا. فالمخالفات جميعها تعتبر خطوطا حمراء لا يمكن بأي حال من الأحوال مخالفتها وتعمد التساهل بها، وفي حال إصرار شخص ما على تعمد ذلك فالمخالفة المرورية المضاعفة سوف تكون له بالمرصاد.

قوبل نظام ساهر المروري بشيء من الرفض خاصة فيما يخص عدم تناسب مقدار السرعة المقترحة على الطرقات والشوارع في بلادنا والمبالغة في ثمن وقيمة مبالغ المخالفة الواحدة. لكن رغم تلك السلبيات والملاحظات فقد تأقلمت نسبة عالية من مالكي وقائدي السيارات والمركبات في شوارعنا وطرقاتها معه، إلا أن نسبة الحوادث المرورية اليومية لم تنخفض بل زادت خاصة خارج المدن وعلى الطرقات البعيدة والطويلة.

لا ينكر أحداً نتائج نظام ساهر المروري في ضبط بعض الحالات المرورية التي كانت ترتكب في السابق لكن رغم محدودية تلك الحالات.

إلا أنه قد زرع بعض القواعد الأساسية المهمة في نفوس قائدي ومالكي المركبات والسيارات فيما يخص احترام النظام المروري وأهمية الالتزام به وبقواعده. نعم قد ركز نظام ساهر المروري جل اهتمامه على تعقب واصطياد المخالفين وهاوي السرعة داخل شوارع بلادنا لكنه بالجهة المقابلة، أهمل جوانب مهمة فيما يخص السائق والقائد المنضبط الذي لم يسجل بحقه مخالفة واحدة منذ تطبيق نظام ساهر المروري ذلك القائد وذلك السائق قد احترم أنظمة المرور في بلادنا قبل وبعد تطبيق ذلك النظام المروري الصارم!

أليس من حق كل قائد وسائق مركبة منضبط الحصول على بعض حقوقه من التكريم والثناء نظير التزامه بتلك الأنظمة قبل وبعد تطبيق نظام ساهر المروري، حتى تتأصل أنظمة وقوانين المرور داخل نفسه ويصبح قدوة حسنة يحتذى بها وأنموذجاً حياً للسائق الملتزم والحريص على تنفيذ وتطبيق كل ما يطلب منه. ذلك التكريم لا نقصد به بأي حال من الأحوال تكريماً مادياً أو إعلامياً بحتاً بل يجب أن يكون تكريماً معنوياً بالدرجة الأولى كإعفائه من رسوم تجديد رخصة القيادة الخاصة به. أو إعفائه من رسوم تجديد استمارة مركبته ورسوم التأمين الإلزامية التي تشترطها إدارة المرور في بلادنا. التكريم المعنوي هو بلسم شاف قد يعيد النظر كثيراً في تقبل نسبة عالية من ملاك وقائدي السيارات والمركبات داخل بلادنا لوجود ذلك النظام المروري الساهري. وسوف يلاحظ القائمون والمشرفون عليه مدى الرضا والقبول لوجوده داخل شوارعنا وطرقاتها. وسوف تختفي بلإ شك مظاهر العداوة والاعتداء على كاميراته وموظفيه وسوف يصبح في مقبل أيامنا نظاماً يحترمه مخالفو الأنظمة قبل الملتزمين بها.