"الحقني يا أبو سعد" عبارة تقولها الزوجة في الكاريكاتير عندما يأخذ رجل الهيئة بمجامع عباءتها بكلتا يديه، ولكن أبا أسعد هو الآخر في عالم آخر حيث يتعرض في الطرف الثاني من الصورة للتعنيف، ولسين وجيم عن هوية مرافقته من قبل رجل آخر من الهيئة! أغضب الكاريكتير الآنف الوصف والذي نشرته صحيفة الجزيرة كثيرين، وراحوا يكيلون الشتائم والاتهامات بالنفاق، والرغبة في الفجور وإفساد المجتمع لكل من يجرؤ على نقد الهيئة! ولا أدري لمَ كل هذا الانزعاج من نقد جهاز حكومي يتقاضى أفراده – غير المعصومين -مرتبات من الدولة، ولا بد أن يخضع أداؤهم للنقد والتقييم ثم المحاسبة والمساءلة، إذا ما كنا فعلا نروم الإصلاح والتقويم؟! والصحف حافلة بأنواع الرسوم الكاريكتورية التي تنتقد ممارسات في قطاعات مختلفة من الدولة، وكثيرا ما يبلغ النقد درجة عالية من الحدة والسخرية اللاذعة، معتمدا آلية التضخيم والمبالغة فيكون أشبه بالطلقات النارية المصوبة لبنية الخلل!  أو قد يعتمد الرسم تصوير لمحات من مشهد واقعي  يمر بالناس ويشهدونه ويودون لو طاله مبضع النقد، كما حدث مع رسم الهيئة الذي سبب الانزعاج لكثيرين، بينما وجد عند آخرين  قبولا لأنه عبر عن لسان حالهم! فثمة أسر سعودية مرت بتجارب مزعجة وسيئة مع موظفين في الهيئة ينتهجون الشك وسوء الظن!
 الخطير أن الانزعاج من نقد جهاز الهيئة كثيرا ما يصل لخندقة الناقد أو من يصرح بضيقه من التدخل في الحريات الشخصية وسوء الظن بالناس في فسطاط المنافقين الكارهين للدين وصولا إلى التفسيق والتأثيم ! وهنا يُخلع ثوب القداسة على " أشخاص " لمجرد انتمائهم لجهاز الهيئة!
وهذا الالتباس يجعل المخطيء منهم يتمادى في خطئه، متوهما أن ممارساته موحدة بالدين ومتشابكة معه، وعليه فهو فوق النقد والمساءلة وبالتالي المحاسبة والعقوبة، وإن دخل على معهد نسائي ليسحب امرأة من شعرها أمام الموظفات والطالبات كما حدث العام الماضي في المدينة المنورة ! وإن حُبست فتاة ووصل صوتها المستجير للمصلين في المسجد وإن فتشت وأهدرت كرامتها وإنسانيتها! وإن قُتل شخص نتيجة للضرب على الرأس، وإن طُورد العباد ولحقوا ثم لقوا حتفهم نتيجة للمطاردة، وهلم جرا من الممارسات التي نسمع عنها أو نشاهدها أو نقرأ عنها في الصحف، وتزيد من احتقان علاقة الناس بالهيئة!
ارتبطت الحسبة في الإسلام، حسب رأيي،بمراقبة الغش والتدليس والتطفيف في الموازيين، وليس مراقبة خلق الله ورصد حركاتهم وسكناتهم وإساءة الظن بهم! وكلنا يعرف حادثة سيدنا عمر مع شارب الخمر الذي حاجـّه فغلبه بالحجة حينما اقتحم عليه بيته! 
لا يمكن حراسة الفضيلة أو فرضها على الناس بالوصاية والجبر، فالفضيلة الجبرية فضيلة مزيفة وشوهاء لا فضل للإنسان في اختيارها، والأولى زرع الفضيلة بتعزيز قيمة المسؤولية الفردية وإلا فعلى الفضيلة وعلى باقي القيم السلام!