هي تكافح وتتعب وتنفق كل قرش تكسبه من وظيفتها على مستلزمات الأطفال والمنزل ، وهو يأخذ مصروفه منها، ثم يتسدح في الاستراحات ويشاهد الأفلام والمسلسلات، ويحضر المؤتمرات "البلوتية" ويناقش المباريات الرياضية ، وهو العاقل الكامل المكمل، وهي ناقصة العقل ناكرة العشرة والجميل!
هي في حالة أخرى تربي الأولاد وتحيط الأسرة بحبها ودفئها وتبذل كل ما في وسعها لاستمطار السعادة لأفرادها، وهو من سفر إلى سفر ومن سياحة جنسية مع سبق الإصرار والترصد إلى أخرى "عارضة" على هامش سفرات العمل ! وإذا ما أراد الابتعاد عن الحرام ففي المسيار والمسفار والزواج بنية الطلاق مخرج تُشرعن به شهواته ونزواته، وكله في الحلال وعلى عينك يا تاجر !! وهو العقلاني الراجح العقل وهي العاطفية والفتنة والغواية والشيطان في صورة إنسان، وعلى الضعفية العاطفية أن تتنحى عن طريق القوي العقلاني لتحميه من نفسه ومن جموح شحطاته، وعجبي! هي تنكفئ على أسرتها إذا ما رحل شريكها وترهن نفسها وحياتها لأطفالها وتبذل كل ما في وسعها لتكون الأب والأم لهم ، وهو (طفلها) الصغير الذي نبت له شارب ثم أصبح ما بين غمضة عين وانتباهتها ولي أمرها (الأدرى بأمرها)  يسمح لها بالسفر أو إجراء عملية، ويضع توقيعه المبجل موافقة على عملها! وهو الأكمل عقلا والأرشد تصرفا، وهي ناقصة العقل المحكومة بعاطفتها .. إلى آخر ما يلصق بالمرأة من صفات تبخيسية تحقيرية !
 فمهما وصلت المرأة من مكانة علمية واستقلال اقتصادي وقدرة على إدارة أمورها وشؤون أسرتها ، لا يزال حبل الدونية ملتف على عنقها ولا تزال مكانتها الاجتماعية ترواح مكانها ! ولا تزال الأنظمة الحكومية المعتمدة تعطي مراهقا غرا صغيرا حق الولاية على أمه أو أخته ، في تراتبية عجائبية تعميمية تخلع على جنس الرجل -بالمطلق- صفات الحكمة والعقل وحسن التدبير بغض النظر عن صفاته وسلوكياته أو حداثة سنه ! وتستلب جنس المرأة -بالمطلق- من كمال العقل والحسم والعزم دون النظر أيضا إلى أفعالها وصفاتها وعمرها، لتصبح الأنوثة رمزا للشر وتضحي الذكورة رمزا للخير! ترسخ الثقافة -وليس الدين- لهذه المفاهيم النمطية المجحفة بحق المرأة والرجل على السواء، فالرجل لن يتحرر من التخلف وإهدار إنسانيته وفردانتيه والقمع الثقافي والاجتماعي والسياسي الممارس عليه إلا إذا تحررت المرأة ومكنت من حقوقها، ولن يتمكن من تقويم نفسه وجهادها والحكم على الأمور بواقعية إذا ما قُلد أوسمة الامتياز ونياشين التفوق أحسن أم أساء ! تتمترس الثقافة الأبوية الذكورية خلف قراءات فقهية بشرية تجاوزها الزمن وتخطتها إلزامات التحديث ومقتضيات الدولة المدنية،  وتعض بالنواجذ على مقولات فقهاء ارتهنوا لظروف عصرهم ومقتضياته وأحوال الناس فيه ، وتأثروا بمقولات من سبقهم عن المرأة ، وخضعوا لأنساق زمانهم الثقافية التي رأت في المرأة عارا وشنارا يستلزم الوأد إن لم يكن الجسدي فالمعنوي ! تتدرع الثقافة بنصوص مقتطعة من خصوص أسبابها ، وسياقاتها السردية والسجالية والتاريخية، فتقدمها على النصوص التأسيسية المرسخة لقيم المساواة والعدالة في الخلق والتكليف والثواب والعقاب، ليتواصل مسلسل التمييز ضد المرأة!