استحق الإسبان أن يكونوا ثامن أبطال العالم.

قدموا منتخباً على شكل عقد فريد من النجوم المتلألئة، كل منها يسطع فيضيء سماء من الإنجاز.

قدموا عروضاً أكثر من رائعة، واستفاقوا بعد هزيمة افتتاحية زادتهم قوة وتركيزاً، وبدؤوا صعوداً تدريجياً بلغ القمة في نصف النهائي قبل أن يتراجعوا قليلا في مباراة أمس، لكنه تراجع لم يفت في عضد أبناء الأندلس الذين أضافوا نجمة على الصدر بعد تتويج بالكأس الأوروبية قبل عامين فقط.

عانى الإسبان كثيراً، قبل أن يحسموا اللقب، وكان من المنطقي أن يأتي الشوط الأول للمباراة تكتيكياً، متخماً بالشحن، مليئاً بالكفاح، بل وكذلك عامراً بالأخطاء التي دفعت الضابط البريطاني هوارد ويب إلى إشهار البطاقة الصفراء نحو 5 مرات قبل مضي نصف الساعة الأولى.

كان الصراع في منطقة الوسط كما توقع كثيرون، لكن الإسبان نجحوا في إزاحة خط الوسط في الشوط الأول نحو ملعب خصمهم الهولندي فحاصروه طويلاً في ملعبه، واستفزوه عبر امتلاك شبه دائم للكرة، وهددوه عبر أكثر من محاولة بعيدة، قبل أن يصحو ويبدأ بدفعهم بعيداً عن عرينه، ووصل الأمر إلى أنه بادلهم التهديد في الدقائق الأخيرة، بل وكان قريباً جداً من أن يهز شباكهم.

في كلا الطرفين كانت الصفوف متخمة بأصحاب الحلول والمهارة، كان هناك رجل إسباني يدعى اكزافي يكاد يلامس النسبة المثلى والعلامة التامة في التمريرات السليمة، وكان هناك نجم متفجر لدى البرتقاليين قادر على صنع الفارق، وقد كاد يفعل حينما أرسل بينية في العمق وضعت اريين روبن وجهاً لوجه مع الأخطبوط كاسياس (وليس بول) الذي ارتمى ناحية اليسار لكنه ترك قدمه اليمنى تتحرك لمقابلة تسديدة روبن وتحولها ركنية.

كان الإحساس بتسرب الوقت يرفع رتم الإيقاع، ويقرب المواجهة من مستويات المباريات النهائية، وبدأ اللقاء أكثر انفتاحاً على الحسم، وكاد فيا يخطف الهدف وصدارة الهدافين حينما وجد نفسه بمواجهة الحارس الهولندي مارتن ستيكلنبورج الذي بدا أنه استوعب درس كاسياس جيداً فنجح بذات الطريقة في إنهاء مواجهته مع فيا لمصلحته.

وكان على العالم أن يعيش نصف ساعة إضافية على الأعصاب، لكن مستوى المتعة كان يرتفع، وكانت أقدام حارسي المرمى تتدخل مرة هنا وأخرى هناك، فيما أقدام اللاعبين تبدو مكبلة مثقلة بالحسابات والعجز.

كان الثور الإسباني يواصل هيجانه، فيما بدت طواحين هولندا تجعجع بتعب وإرهاق، لكنها لا تأتي بالطحن حتى مع تدخلات المدرب بتبديلات ضخ الأوكسجين في العروق التي "نشفّها" جري الإسبان المتواصل.