"لا تـُصدقوا الشائعات صدقوا فقط ما يصدر رسميا، والأمر الملكي الذي صدر أمس يكذب كل الشائعات"، كانت هذه إجابة أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل على سؤال "الوطن" ضمن الحوار الذي نشرته أمس حول الأمر الملكي الذي صدر، وما سبقه من شائعات كان أبرزها أن القضية ماتت، أو أنه سيتم الاكتفاء بما تم على يد لجنة تقصي الحقائق ويُطوى الملف، إلى غير ذلك من الشائعات والتكهنات، المنطلقة من قاعدة أن هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها البلاد تحقيقا بهذا المستوى في قضايا فساد مالي وإداري، ولكونها الأولى من نوعها فقد دخلت دائرة الشك والتوجس، إلى أن أصبحت يقينا قاطعا على يد المليك – حفظه الله – الذي أصدر أمره الجامع المانع، القاضي باستكمال التحقيقات والمحاسبة فيما مضى، ووضع التدابير اللازمة لتلافي تكرار ذلك مستقبلا ، ليس في جدة فقط وإنما في كافة مناطق المملكة.
 لقد وعد خادم الحرمين الشريفين ووفى، وتوخّى العدالة وسعى وراء معرفة الحقيقة قبل أن يصدر أمره بحق الفساد والفاسدين، فشكّل لجنة تقصي الحقائق برئاسة أمير مكة المكرمة، ثم أحال النتائج التي توصلت إليها إلى لجنة عليا برئاسة النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، للمزيد من التحقـّق والاطمئنان، ثم توّج كل ذلك الجهد الذي بذله المخلصون من رجاله، بأمره الكريم القاضي بإحالة جميع المتهمين إلى الجهات العدلية المعنية بالتحقيق والتثبت قبل العقوبة، وأردف ذلك باتخاذ الاحتياطات التي حدد الأمر الجهات المعنية باتخاذها تلافيا لتكرار الكارثة والفساد في وقت واحد، وفي جميع مناطق البلاد.
 لقد جاء الأمر الملكي الكريم ليكون بمثابة نقطة تحوّل كبرى في مسيرة المملكة التنموية حيث اتخذ ما حدث من كارثة في جدة منطلقا لإصلاح الأوضاع في كافة المناطق ، من خلال أنظمة جديدة للعقارات ودراسات شاملة للمناطق المعرضة لأخطار السيول وتطوير أنظمة الرقابة والضبط. لقد أصبح الفساد الماضي في قبضة العدالة، وأي فساد مستقبلي سيكون في قبضة الرقابة، وسيتحدث السعوديون وقتا طويلا عن الأمر الملكي باعتباره خطاً تاريخياً فاصلاً في تنمية بلادهم بين ما قبل وما بعد صدوره.    وسنجد من يـُؤرخ لمشاريع التنمية وتطوراتها بما قبل الأمر وما بعده. فقد فتح المليك ملف الفساد علنا وهو يريد – حفظه الله – من الجميع مسؤولين ومواطنين تحمّل ومواجهة مسؤولياتهم لتنظيف هذا الملف المؤسف، وتحويل جهود الجميع إلى تضخيم ملف الإصلاح. وفـّق الله مليكنا وكل مخلص يدعم خطواته الإصلاحية المتميزة، وحمى بلادنا من كل سوء ومكروه.