كلما أرسلت رسالة بالنت أقول سبحان الذي سخر لنا هذا! وأذكر فيما سبق أيام البريد أننا كنا نفرح بالرسالة تأتينا من الأهل كل أسبوع مرة، وهذا كان أيام تخصصي بألمانيا فلم يكن ثمة فاكس ولا نت ولا موبايل، وجاءتنا أيام كنا ننتظر فيها المكالمة الدولية إلى سوريا عدة أيام قبل انقلاب العالم كما نرى الاتصال المباشر في أي لحظة بالموبايل، وهذا يقول إن الكون الذي نعيش فيه يمكن أن يكون جميلا للغاية ويمكن أن يتسخر للغاية، فكل شيء فيه مسخر، تحت قانون هو ممنوح لكل من يريد استخدامه، والتسخير هي الخدمة المجانية.

وأذكر أن صديقي عبد العال أراد إرسال وثيقة من عندي بالفاكس قلت سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين؟ قال ولكن هذه الآية نزلت في الحمير والبغال وزينة ويخلق ما لا تعلمون؟ قلت له الفاكس من المسخرات مثل ظهور الدواب ومتن طائرة البوينج 747 والفيديكس والبريد الممتاز، فكلها من المسخرات، بل إن الكون كله مسخر لنا، كما جاء في محكم التنزيل "ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة".

لكن أعجب المسخرات ليست الفاكس وطائرة البوينج 747 بل البشر؛ فحين لا يستخدم البشر عقولهم ويأتي من يستخدم عقله فيمكن أن يستخدم البشر ويسخرهم لمصلحته، وفي القرآن ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون.

وفي سورة إبراهيم استعراض كوني للتسخير بين الفلك والأنهار والشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار. وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الإنسان لظلوم كفار.

هذا يقودنا لثلاث أفكار تأسيسية؛ أن الوجود وجودان الله والكون، الخالق والمخلوق، والمخلوقات جميعا مسخرات، والتسخير هي الخدمة المجانية وهي متاحة للجميع، وفق سنن أجراها الرحمن الرحيم في هذا الكون البديع الماشي إلى مستقر ومستودع قد بينا الآيات لقوم يعقلون.

وحاليا فهم اليابانيون والألمان هذا المعنى عن الكون فركضوا في فهمه واستكشافه ليعلموا أن آيات الله في كل زاوية، وكلا يمد الرحمن هؤلاء وهؤلاء من عطائه، وبذا فككوا الكون وحللوه بدءا من الذرة وانتهاء بالسحب الهيدروجينية، وتاريخ الإنسان، وعجائب خلقه في كل مكان.

ونسجل بكل أسف أن القرآن الذي أقرؤه دوريا كل يوم، وأمر على آية إن في خلق السماوات والأرض لآيات لأولي الألباب؛ أشعر كأنه لم يبق عندنا لب. في نفس الوقت أصاب بالأسى من الفلسفات العدمية التي تطبق بظلام على سماء الغرب؟ فأي فائدة من علم لا يقرب إلى الله تعالى.. ومنه كانت آيات أولي الألباب الذين يتأملون اختلاف الليل والنهار فيقولون ربنا ما خلقت هذا باطلا.. ويذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم.

اقترب رمضان وعلينا استنشاق نسماته المنعشات..