أرجو أن يتحلى المسؤولون عن القطاعات الخدمية بالصبر وسعة الصدر في مواجهة أسئلة الناس وتذمرهم ونقدهم وشكاواهم وشكوكهم، فالناس لهم الظاهر الذي يشاهدونه أمام أعينهم والواقع الذي يعيشونه، وليسوا معنيين بما يدور خلف الكواليس مما ليس لهم اطلاع عليه ولايعرفونه. أقول هذا تعليقا على مداخلة سمو أمين مدينة الرياض الدكتور عبدالعزيز بن عياف مع الدكتور سلمان العودة في برنامج "الحياة كلمة " بعد ظهر الجمعة الماضي. ومع أنني أعرف الدكتور بن عياف وأعرف جهوده وحرصه وتفانيه إلا أنني أرجو أن يكون اطلع على تعليقات الناس ،عبر الشبكة العنكبوتية، على مداخلته العاتبة أو الغاضبة،.فمواقع النت تناقلتها والتعليقات عليها أكثر من أن تحصى، وهي تعليقات تصبّ في النهاية في ما قلته أعلاه من أن الناس تعنيهم النتائج ولايعنيهم ما خلفها مما لايعرفونه سواء كان سلبا أو إيجابا. فالمعلومة التي أوردها الدكتور عن وزارة المالية وعدم صرفها الاعتمادات المطلوبة لتصريف السيول في العاصمة لم تكن معروفة للناس قبل أن يعلنها الأمين بعد مشاكل أمطار الرياض. وهم يعتقدون أنه لولا المشكلة لما عرفوا هذه المعلومة التي لم يسمعوا بها من قبل ولم يتوقعوها. ولهذا لايمكن لوم الدكتور العودة ولا غيره ممن علقوا على أمطار الرياض سواء ممن عاشوها مباشرة أو شاهدوها وقرؤوا عنها عبر وسائل الإعلام المختلفة.

إنني لا ألوم الدكتور بن عياف على عتبه أو غضبه فكلمة الفساد موجعة وهو رجل نزيه ومخلص. لكنني أيضا لايمكن أن ألوم الدكتور سلمان أو غيره فما يحدث من أخطاء تصل إلى مستوى الكوارث غير مقبول ولا معقول. وسواء كان التقصير من وزارة المالية أو غيرها فإن النتيجة واحدة. والنتيجة تقول إن هناك خطأ جسيما أسفرت عنه مشكلة كادت تصل إلى كارثة لو استمرت الأمطار بنفس المعدل الضخم الذي شهدته العاصمة الأسبوع الماضي بشهادة سمو الأمين نفسه، فماذا يمكن أن يقول الآخرون؟

ومرة أخرى أقول لابد أن يتحلى المسؤولون في قطاعات الخدمات بالصبر وسعة الصدر، فالناس يقرؤون ويسمعون توصيات الملك –حفظه الله – مع كل ميزانية وهو يقول للوزراء ولبقية المسؤولين: ما لكم عذر. والناس يعرفون حرص ولاة الأمر على إنجاز مشاريع التنمية بصورة متميزة ويلاحظون الحجم الضخم المعتمد من المليارات لتلك المشاريع، أما قواعد وآليات الصرف وطبيعة العلاقة بين وزارة المالية والجهات التنفيذية التي تواجه الجمهور فهي من الأسرار التي لايعرفونها. وبين ما يعرفون وما لا يعرفون لا يجدون أمامهم سوى النتائج المتحققة في الميدان لكي يناقشوها ويعلقوا عليها. وأمام هذه الحقيقة الواقعية أرجو أن نتجاوز التلاوم على كوب اللبن المسكوب. وأكرر ما قلته بالأمس من أن علاج المشكلة من جذرها أوْلى وأجْدى من تضييع الوقت والجهد والمال في تهذيب الفروع. والعلاج يكمن في إعادة النظر الشاملة في آلية تركيب الميزانية السنوية فيما يخص قطاعات الخدمات، من أجل تحقيق التوازن الحقيقي للمشاريع ، الأهم فالمهم، ولكي ننتهي من التلاوم والتعاتب أو التغاضب.