كسر نجوم أندية القمة "الأربعة الكبار" قاعدة عدم التفريط فيهم والتمسك بهم، بانتقالهم إلى أندية داخلية أو خارجية أو جلوسهم إلى طاولة المفاوضات.

موسم 2011 شهد ولادة ربيع رياضي بتزايد خروج اللاعبين "النجوم" من أنديتهم إلى المنافس التقليدي أو أحد أندية القمة، كما حدث مع سعد الحارثي ومالك معاذ أو التغريد خارجياً كـ ياسر القحطاني الذي لعب للعين الإماراتي وهناك توقعات بخروج نجم الدفاع الهلالي أسامة المولد إلى أحد الأندية الأوروبية.

هذه الظاهرة تعتبر نقطة تحول في الكرة السعودية، حيث المتعارف عليه أن أندية القمة أو الأربعة الكبار لا تفرط في نجومها، مهما كان السبب وذلك لما يمثلونه لهذه الأندية من قوة، كما أنهم مطلب جماهيري كبير.

ومن منطلق الفائدة الفنية على أرض الميدان للأندية، والمصلحة الخاصة للاعب بدأت ظاهرة النضج في الاحتراف الكروي مما يبشر بتأسيس عمل احترافي صحيح في المستقبل.

نضج احترافي

من جهته، بارك رئيس لجنة الاحتراف الدكتور صالح بن ناصر الخطوة وقال "تدل على أن اللاعبين وكذلك الأندية وصلت لمرحلة من النضج الاحترافي خلال التعامل الراقي، فنحن نشاهد النجم سعد الحارثي يترك النصر وينتقل إلى النادي المنافس الهلال، ومالك معاذ وحسين عبدالغني ينتقلان من الأهلي إلى النصر، وبعض الأندية سمحت لنجومها بالخروج إلى دوريات خليجية وهذا كله دليل على أن الجميع بدأ ينضح، وأنا أرى أنها خطوة موفقة رغم أننا لم نصل إلى مصاف الدول المتقدمة في مسألة الاحتراف، ولكن بشكل مبدئي نحن نسير في الطريق الصحيح فالنادي واللاعب الآن يفكران في الفائدة سواء المالية أو الفنية."

وأضاف ابن ناصر "النادي عندما يرى أنه لا يستفيد من اللاعب فإنه يعطي له حرية الانتقال، واللاعب عندما يجد العرض الأفضل يخرج من ناديه إلى النادي صاحب العرض الأفضل حتى لو كان المنافس التقليدي، وهذا هو الاحتراف الصحيح، فالزمن الآن تغير وأصبح الولاء للنادي لا يجدي فالمسألة عرض وطلب ومن يدفع أكثر يذهب له اللاعب."

وأشار إلى أن "انتقال النجوم يقلل من الحساسيات بين الأندية ويجعلنا لا نفقد اللاعبين البارزين، فاللاعب بدلاً من أن يجلس على دكة الاحتياط أو يدخل في مشاكل إدارية أو فنية تجده ينتقل إلى نادٍ آخر ويجد فرصته بشكل كبير، ويعيد للأذهان مستوياته الكبيرة التي كان يقدمها وبالتالي فإن اللاعب وكذلك الناديان المنتقل منه أو المنتقل إليه وكذلك الحال للجمهور مستفيدون من انتقال هؤلاء النجوم وبالتالي الفائدة الكبرى تعود على الرياضة والاحتراف في المملكة."

الاحتراف ضد اللاعب

أما وكيل التعاقدات أحمد القحطاني فأكد أن انتقال النجوم ليس سوى تحول في فكر اللاعب السعودي، وأضاف "للأسف الاحتراف يقف في صف الأندية ويتجاهل اللاعب، والسبب بسيط وهو أن الأندية أقوى من لجنة الاحتراف لدينا والشواهد كثيرة في هذه الأمور،" واستطرد القحطاني في حديثه "الاحتراف بدأ يسير في طريق النضج لدينا، ولكن للأسف هذا النضج جاء متأخراً 20 عاما من انطلاقة الاحتراف، وذلك لأن بيئة الاحتراف غير جيدة في الدوري السعودي"، وتابع "فالاحتراف في الأندية السعودية ليس عمل مؤسسي ونحن نسمع بتأخر الرواتب وبمشاكل مقدمات العقود وبمشاكل الأندية مع اللاعبين وتفسير لوائح الاحتراف كيفما اتفق، ولكن وللأسف لم نجد لها حلاً، فالمشاكل التي كانت في وقت انطلاق الاحتراف عام 1992 هي ذات المشاكل الموجودة لدينا اليوم وهو ما يجعلنا نتساءل ماذا قدمت لجنة الاحتراف للكرة السعودية؟."

وأضاف القحطاني "نتمنى أن تكون الخطوة الثانية بعد تنقل النجوم بين الأندية الكبيرة هي مساعدة اللاعب السعودي للاحتراف الخارجي، وذلك من خلال إنشاء صندوق لدعم المحترفين خارجياً أو إعطاء الفرصة للشركات والمؤسسات الكبيرة لدعم احتراف اللاعب خارجياً، وذلك من خلال تكفلها بمصاريفه وتنقلاته وسكنه وما إلى ذلك." وتابع القحطاني "إن كل ما نشاهده في احترافنا اليوم هو مؤتمرات ودراسات وتصاريح كلها لم تقدمنا خطوة للأمام، والدليل أن هناك لاعبين من دول مجاورة محترفون في أوروبا رغم قلة الإمكانيات.. وأفضلية اللاعب السعودي، ونحن لا زلنا نفسر لوائح احترافنا ونؤخر رواتبنا."

وأكد القحطاني في ختام حديثه "أن انتقال سعد الحارثي ومالك معاذ وياسر القحطاني خطوة جيدة رغم أنهم في نهاية أعمارهم كلاعبين، ولكن فائدتها تعود إلى تأسيس قاعدة لانتقال نجوم كبار في المستقبل وأعمارهم صغيرة حيث كسر هؤلاء النجوم مقولة الولاء للنادي وهو ما سيجعلنا نعيش أفضل حالاتنا في المستقبل."

مرحلة نضج

من جانبه أشار الدكتور مدني رحيمي إلى أن الخطوة ممتازة ولكن هناك بعض اللاعبين والإداريين لم يصلوا إلى مرحلة النضج، مستشهداً في حديثه بكلام رئيس النادي الأهلي فهد بن خالد عندما قال في أحد البرامج الرياضية "سوف اسمح لمالك معاذ بالانتقال لأي نادٍ عدا نادي الاتحاد"، وأنا أتساءل هل هذا هو الاحتراف.؟

ويرى الدكتور رحيمي أن انتقال الحارثي إلى نادي الهلال قادما من النصر خطوة جريئة وستكسر حاجز الولاء للنادي والضغوط الجماهيرية التي تتعرض لها إدارات الأندية، وأضاف الدكتور رحيمي "رغم أن خطوة الحارثي ومالك والقحطاني جريئة إلا أنني اعتبرها غير صحيحة وذلك لسبب مهم، وهو أن سبب انتقال اللاعب لإعادة تأهيل نفسه وهو ما لا يمكن أن يحدث في نادٍ جماهيري؛ خصوصاً أن الأندية الجماهيرية تبحث عن البطولات وتكون على اللاعبين ضغوطات إضافية وهو ما قد يجعلك غير قادر على استعادة مستواك الذي كنت عليه."

وأضاف مدني رحيمي "سعد الحارثي عندما انتقل للهلال يحتاج لوقت لاستعادة لياقته وللعودة لحساسية المباريات". وتابع "وعندما جاء المحياني جاء إلى الهلال، كان في الوحدة هدافاً للدوري ومستواه متصاعد ولم يتعرض لمشاكل إدارية مثل ما حدث للحارثي، وكان هناك أكثر من ناٍي يتنافس عليه ورغم ذلك ضاع وسط نجوم الهلال."

تعاقد إداري

وشدد رحيمي على أن فكر الأندية سبب رئيسي في عدم تقدم الرياضة بالمملكة، مؤكداً أن قرار اختيار الحارثي كان قراراً إدارياً بكلمة فنية وقال "فمدرب الهلال لم يسبق أن شاهد سعد الحارثي لأنه منذ قدومه للمملكة كان الحارثي أسيراً لدكة الاحتياط، وكذلك التوقيع مع الحارثي كان لمدة 6 أشهر ولو كان هناك ثقة باللاعب فإن العقد لن يقل على سنتين وهذا يدل على أن القرار كان إدارياً بحتاً."

وأضاف أن اللاعب النجم يجب أن يختار النادي المناسب ليستعيد مستواه كأن يختار أحد أندية الوسط حيث تخف عليه الضغوط الإعلامية والجماهيرية، وغير مطالب ببطولات ولذلك اللاعب يرتاح نفسياً ومن ثم يبدأ يستعيد مستواه مثل ما حصل مع منصور النجعي، وكذلك حسن العتيبي وغيرهم من اللاعبين الذي عادوا أكثر نضجاً وتطوراً.

وعرج رحيمي على الإعلام، مشيرا إلى أن بعض الكتاب وبعض الزوايا تهدم الرياضة السعودية لأن هؤلاء الكتاب أو المراسلين يكتبون للأندية وليس للرياضه السعودية.

وختم حديثه إلى "الوطن" بقوله :إن تنقل النجوم بين الأندية الكبيرة أمر ممتاز ولكن يجب أن يكون الاختيار على أساس المستوى وليس من أجل إضعاف الفريق المنافس ومن ثم عدم استفادة النادي من هذه الصفقة."

طريقة غير احترافية

من جانبه أشار المدرب الوطني محمد الخراشي إلى أن انتقال النجوم بين الأندية الكبيرة بالطريقة الحالية ليس نضجا في الاحتراف وإنما هو محاولة للتخلص من اللاعب بطريقة غير مباشرة، حيث يصاحب انتقال اللاعبين هبوط في المستوى ومشاكل إدارية واحترافية، وأضاف "نحن في أمس الحاجة إلى التعامل الراقي من الأندية مع اللاعبين المحترفين؛ حيث تسمح للاعب الذي لا تستفيد منه بالانتقال إلى نادٍ آخر من أجل أن يستفيد ويفيد؛ ومن ثم يعود للنادي وهو أكثر نضجاً، مثل ما حدث مع كثير من اللاعبين أمثال حمد بوحمد الذي انتقل للتعاون وهو الآن من أفضل اللاعبين في الاتفاق، بل نشاهده يحسم كثيراً من اللقاءات، وهذه الخطوة تكسب اللاعب الخبرة وتجعل مستواه يتصاعد، إضافة إلى أن دكة الاحتياط إذا طول فيها اللاعب فإنها قد تنهي مسيرته الكروية."

وشدد المدرب الوطني محمد الخراشي على أن قناعات الأندية صعبة لأنها تعمل من أجل إرضاء الجمهور وليس على أسس احترافية، وتابع "واللاعب بدأ يفكر في التغيير ومع مرور الوقت سينجح وهو ما سيجعل الأندية مضطرة إلى تغيير نظرتها وفكرها مع مرور الأيام."