70 مليون ريال ما صادرته الأجهزة الأمنية من الإرهابيين، هذا الرقم سمعته عام 2005 من مسؤول في وزارة الداخلية كان يزور السفارة السعودية في واشنطن في إطار التعاون المستمر بين المملكة والولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، وكنت يومها أعمل هناك.
كم وصل مبلغ ما صودر من الإرهابيين اليوم؟ لعله 100 أو 200 مليون ريال، ولكن حتى لو بقي في حدود السبعين مليونا الأولى فالرقم كارثة لنا كسعوديين، ويعني أن بيننا،من هم ليسوا بالشباب الضال، مستعدين للتبرع للإرهابيين بالملايين، فالملايين لا نجدها تحت البلاط، باستثناء منزل كاتب عدل متهم بالفساد على ذمة صحيفة زميلة، ولكن فساده من نوع آخر.
فمن الذي يتبرع للإرهابيين بالملايين؟
شاركت يوما في جمع التبرعات للمجاهدين الأفغان وهي قضية عادلة، كان النشاط فيها علنا، وتحظى قضيتهم بدعم الدولة ورعايتها، وأذكر أن جمع الملايين لهم لم يكن سهلا. فكيف أضحى جمعها سهلا لمن يفجر في أهله ويحارب إخوانه ويفسد بلدا آمنا، كان أمانه سبب جلب الملايين للبعض؟ فمن هم هؤلاء "البعض"؟ ولمَ السكوت عليهم؟ وقد قال خادم الحرمين في جريمتهم إنها جريمة "تقف مع الإرهاب في خندق واحد بل هي التي تغذيه، محاولة الإفساد في الأرض، وزعزعة أمننا، واستهداف مقدراتنا، والنيل من منهجنا الوسطي المعتدل" في معرض شكره أمس للمفتي وصحبه الأفاضل من كبار العلماء الذين أفتوا أخيرا بحرمة جمع المال للإرهابيين.
فلمَ إذاً نسكت عنهم؟
هل نجامل إخوانهم وبني عمومتهم؟ شاب في العشرين جاهل أحمق يقتل أخاه ويحارب بلده هو أقل خطرا رغم فداحة جرمه من رجل أعمال راشد كهل جمع المال في بلد مكنه اقتصاده الحر، وحسن سياسته من تكوين ثروة، فخان البلد بتبرعه بمليون أو عشرة لأولئك الشباب الحمقى الذين لو مد الله في عمرهم، ولم تقبض عليهم الدولة فربما تابوا وأنابوا وتبينت لهم خطيئتهم بعدما تجاوزوا سن الشباب، أما ذلك المتبرع ففي وحل الضلالة تمرغ، وعليها أبى واستكبر، ومن أجلها تآمر في ليل، فمن هو؟ ومتى سيحاسب ويشهّر به؟