تهتم إدارات الطب الوقائي في المديريات الصحية بمناطق المملكة، بمكافحة الأوبئة والملوثات الصحية، وتقديم التطعيمات ضد الأمراض السارية والطارئة، وحماية مواطني المناطق من الفيروسات المعدية والمرضية عبر متابعة الوضع الصحي للمجتمع باستمرار، ولكن حين تكون إدارة الطب الوقائي هي ذاتها مصدرا للتلوث الخطر وتكاثر الفيروسات وغير قادرة على حماية منشأتها وموظفيها من الأمراض المعدية التي تتسبب بها مياه المجاري والمستنقعات وتجمعات الحشرات والحيوانات الضالة، فإن الحالة تتجه نحو تعقيدات خطرة.
وهذا هو واقع الأمر في إدارة الطب الوقائي في مديرية الشؤون الصحية بمنطقة حائل، حيث تتخذ الإدارة من مبنى سكني مستأجر في حي السمراء مقرا لها، ويعرف عن الحي أنه من أعلى الأحياء في مستوى التهديد بوجود الأمراض المعدية والسارية، نظراً لنقص الخدمات البالغ ولمشاكل المجاري التي تغطي بمستنقعاتها الضخمة أكثر من نصف مساحة الحي، لكن إدارة الطب الوقائي تجاهلت كل ذلك واختارت هذا الحي، وفي مكان سيئ منه، وحطت رحالها هناك، ولم يعد موظفو الإدارة يهتمون بصحة المجتمع وإنما بصحتهم الشخصية خوفاً من إصابتهم بأمراض فيروسية من تلك التي ترافق مستنقعات المجاري التي يعرفون عنها وعن أخطارها -بوصفهم من موظفي الطب الوقائي- أكثر من غيرهم، ويعزز تخوفاتهم سوء حال المبنى غير الخاضع للصيانة والذي تحطمت أجزاء منه نتيجة الإهمال، فيما تتكدس في زواياه أكوام من الأثاث المستخدم التي تشكل ملاذا ممتازا للحيوانات الضالة، و تقتحم جزئيات الأبخرة الناتجة عن المجاري كل مكتب ومخزن في المبنى.
وأوضح موظفون من العاملين في الإدارة- رفضوا التصريح بأسمائهم لعدم تخويلهم بالتحدث إلى وسائل الإعلام- أن المشكلة التي يواجهها المقر تتعلق بانعدام الصيانة، مبدين استغرابهم من تجاوز المبنى في عدة ميزانيات سابقة رغم أن تهالكه واضح للعيان، وقال أحد الموظفين: "نحن هنا (نتلطم) صيفا وشتاء عند وجودنا في مقر العمل بسبب الروائح غير المحتملة للمجاري الطافحة التي تحاصر المبنى، ويسيطر علينا دائما همّ الإصابة بأمراض معدية أو نقلها لأطفالنا وأسرنا".
ورغم ذلك لم يقف الموظفون مكتوفي الأيدي وإنما جمعوا مبلغاً من المال قبل مدة ورمموا على حسابهم الشخصي أجزاء من المكاتب، التي كان تركها على حالها سيؤدي إلى كوارث غير بسيطة كتلويث الأدوات الطبية المستخدمة أصلا للوقاية من الأمراض المعدية، ما سيجعل من إدارة الطب الوقائي، إدارة لنشر المرض الوبائي.
"الوطن" أجرت عدة اتصالات بمدير إدارة الطب الوقائي نايف شامخ الشميلاني، للحصول على تعليق منه أو إيضاح لما تنوي الإدارة فعله لمواجهة هذه المشكلة، غير أنه لم يرد.