ليس جديداً على الأسواق العربية أن تتعامل مع التجارة الصينية بما تشتمل عليه من سلع لا حصر لها. فالصينيون كانوا حاضرين في أسواق الشرق والغرب على مدار الأزمنة. وقوافل طريق الحرير ومعها قوافل طريق البخور قدّمت الصين كـ "تاجر" عابر للقارات، استخدم كافة الوسائل الناجحة في الاستثمار والتسويق والتصدير. الصينيون يعرفون تاريخهم جيداً، والأهمّ أنهم يعرفون مستقبلهم. وهذا ما على العالم العربي أن يعيه. على العالم العربي أن يعرف المستقبل بما تنطوي عليه هذه الكلمة من مدلولات حضارية وسياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية. ومعرفة المستقبل لا بدّ لها من بناء جسور متينة في اتجاه الأمم المتنوّعة، وليس حصرها في اتجاهات محدودة. إن الصين خيار اقتصادي و سياسي واستراتيجي للعديد من الدول العربية، كما أن الدول العربية سوق واعدة. والأرقام تدل على أن حجم الاستثمار الصيني في الدول العربية تجاوز الـ 3.9 مليارات دولار، أما حجم التبادل فقد بلغ 132 ملياراً. لكن المستقبل يتطلّب أكثر من هذه الأرقام حين يفكـّر صُنـّاع القرار على نحو أكثر استراتيجية.
تداعت أمامي هذه الأفكار وأنا أشاهد ما يفكـّر فيه الصينيون وما يصنعونه لمستقبلهم ، خلال ندوة التعاون العربي الصيني التي اختتمت مساء أمس في المنامة . كان الحدث يعبّر عن نفسه في لقاء عربي صينيّ تضمن نقاشات معمّقة حول العلاقات العربية الصينية. كانت هناك محاور جادة، تناولت فرص تعزيز التعاون العربي الصيني، كوسائط الاتصال الحديثة والمرتقبة في مجال الإعلام، و التفاعل الحضاري المنشود بين العرب والصين، وتحقيق التبادل الحر للمعلومات وحرية الإعلام، والعلاقة بين استخدام تقنيات الإعلام الجديد ومجتمع المعرفة، كما شهد عرض التجربة الصينية والعربية في مجال الإعلام الجديد.
كان رئيس مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني وانغ تشن كريماً في كلمته برفع معنويات المشاركين، فقد وصف الصين بأنها دولة نامية مثلها مثل الدول العربية.
أهمية الندوة تنبع من الدور الذي يلعبه الإعلام في التاثير على القرارت السياسية والاقتصادية بين الدول التي يمكن توظفها لردم الفجوة بين الصين كدولة لايستهان بها كما وصفها الدكتور عبد العزيز بن سلمة.
ومع احترام هذا الكرم؛ فإن حالة التقاعس التي تعيشها الدول العربية نحو العمل الجماعي تضاعف أهمية هذه اللقاءات، بهدف خلق تكتلات تخدم المصالح. ذلك أن أغلب التكتلات والحوارات تتم بين العرب والغرب فقط، ولم يسجل أي حوار عربي صيني أو عربي آسيوي أو عربي إفريقي.
حتى لا تبدو الصورة قاتمة تماماً، لكنها ليست صافية تماماً أيضاً ، يبقى الأمل موجودا بل ومتناميا، لاسيما مع تطبيق خطوات عملية ردم هوة التواصل الإعلامي بين بلداننا.
إن آفاق المستقبل وتطور تكنولوجيا المعلومات تقدم لنا آفاقاً أكثر إشراقاً.