عندما كتب الصديق عبدالعزيز الخضر كتابه "السعودية سيرة دولة ومجتمع" وأبدع في كتابة بروفايلات رائعة للمؤثرين في الحراك الديني والثقافي كان أشد ما لفت نظري هو تلك العناوين التي صيغت باحترافية عالية ولعل أبدع ما شدني فيها هو ذلك العنوان الذي افتتح به تعريف العالم الوزير صالح آل الشيخ عندما عنون (صالح آل الشيخ ومشروع وهبنة الصحوة) عند هذا العنوان دار الكثير من الجدل هل الوهابية تهمة أم صفة ومع الجدل المحتدم في السنوات الأخيرة عن موقع الوهابية من المجتمع السعودي وقياداته لا سيما من قبل بعض النخب الفكرية، هذا الجدل الذي بدأ عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وازداد خلال السنوات الأخيرة في السعودية نتيجة عوامل الانفتاح وهامش الحرية الذي زاد سقفه بشكل لافت ، ولكون الحديث عن الوهابية أخذ منحى غير المنحى الأساسي الذي يصب في خانة التصحيح ، حيث بدأ أخيراً يطلق على أي نقد لتدين يوجه للوهابية ! وإذا أردنا أن نحدد ما لذي نريد ترسيخه من مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيمكن تحديده بالدعوة السلفية التي تدعو إلى الالتزام بالأخذ من الكتاب والسنة ونبذ الخرافة والشركيات من المجتمعات الحديثة وهذا التحديد بلا شك يعتق المجتمع السعودي من أي تبعية مقيده لمذهب فقهي.
 وفي ظل هذا السباق المحموم من قبل بعض المتحاملين يظهر الأمير سلمان بن عبدالعزيز في مقالة محنكة عبر صحيفة الحياة اللندنية ليؤكد التزام هذه الدولة بما قامت عليه من خلال ما ورد في المقال حيث أشار إلى أن هؤلاء يتناسون أن الهدف الحقيقي من وراء نشر هذا المصطلح هو "الإساءة لدعوة سلفية صحيحة ونقية ليس فيها مضامين تختلف عما جاء في القرآن الكريم وما أمر به النبي محمد صلى الله عليه وسلم".
 وأوضح أن هذا "التشويه" جاء من عدة جهات لا يروق لها ما تقوم به تلك الدعوة الصافية وما أدت إليه من قيام دولة إسلامية تقوم على الدين وتحفظ حقوق الناس وتخدم الحرمين الشريفين.
 وهذا الحديث الذي أدلى به الأمير سلمان يؤكد على الجذور التاريخية والدينية للسعودية" وأن السعودية لم تغير من فلسفتها الدينية أو تتنصل من إرث محمد بن عبد الوهاب ولم تنتقل للمعسكر الليبرالي ، كما أن عملية التحديث في المملكة يجب ألا تتوقف ورفضُ الأمير سلمان النيل من الدعوة السلفية عبر تسميتها بالوهابية لا يصب في خانة القبول المطلق لأي منتسب للوهابية ! لكنه بالتأكيد يقود إلى القبول بالخطوط الأساسية التي جاء بها هذا المجدد وقامت عليها هذه الدولة ، لكن الأخطاء والنقد العلمي الذي يصب في خانة إعادة صياغة الثوابت وفق الأسس السلفية كما ذكرت في مقال سابق بعنوان بروستريكا سلفية لا يمكن وقفه أو إقصاؤه؛ ذلك أن إعادة نقد السلفية وتقييمها والوقوف تجاه بعض مؤلفيها يصب في خانة الحق الذي يبحث الجميع عنه لا سيما علمائنا الذين علمونا هذا الأمر فما من أحدٍ إلا رادٌ ومردودٌ عليه.